داء القلس المعدي المريئي
الطب >>>> موسوعة الأمراض الشائعة
القلس المعدي المريئي (Gastroesophageal Reflux Disease GERD) أو ما يُعرف عند الناس بالحرقة (Heartburn)؛ وهو رجوع كمية من مفرزات كل من المعدة والعفج باتجاه المريء على نحو أكبر من الطبيعي مؤدِّيًا إلى أعراض متعددة قد تترافق مع أذية لمخاطية المريء(1) (مثل تقرحات المخاطية، ومريء باريت) (2).
أعراضه:
يتمظهر المرض بعدة أعراض:
1- شعور بحرقة وألم في الصدر يشتدّان بعد الطعام (نتيجة زيادة إفراز العصارة المعدية) وفي أثناء الليل (نتيجة زيادة تركيز الحمض المعدي في أثناء الليل وسهولة عودة الحمض في ظل وضعية الاستلقاء وغياب البلع).
2- الشعور باحتقان في منطقة البلعوم.
3- صعوبة في البلع.
4- إقياء.
وقد تؤدي بعض حالات القلس الليلي إلى أعراض غير متعلقة بالمريء مثل سعال مزمن، والتهاب الحنجرة، وربو، ونوم متقطع. (2)
الآلية الإمراضية:
تتنوع طرائق نشوء المرض فمنها ما يتعلق بالمريء؛ إذ تَضْعُفُ وسائل حمايته من الحمض المعدي مثل:
١- حدوث خلل في المصرة المريئية السفلية (تعمل بمثابة صمام يُغلَق خارج أوقات الطعام ويمنع في الحالة الطبيعية عودة مفرزات المعدة إلى المريء) إما بسبب انخفاض ضغطها أو بسبب ارتخاءات غير طبيعية متكررة تحدث فيها.
٢- نقصان حركية المريء (التي تساعد في دفع الطعام باتجاه المعدة)
٣- انخفاض غزارة المخاط المغطي لمخاطية المريء.
بعض الأسباب في المقابل تكون مرتبطة بالمعدة؛ فتأخر إفراغ المعدة من محتوياتها يؤدي إلى زيادة الضغط فيها وزيادة الضغط على المصرة المريئية السفلية وحدوث القلس. (1) وتؤدي السمنة والفتوق الحجابية وبعض العوامل الأخرى دور المؤهِّب لحدوث القلس. (3)
العوامل المسببة:
في الواقع تتعدد هذه العوامل فهي إما بيئية مثل بعض الأطعمة (الدسم – الشوكولا – الكحول - القهوة) أو الأدوية (مثل حاصرات قنوات الكالسيوم) أو النيكوتين.(1)
أو قد يكون السبب عوامل جينية؛ ففي دراسة أُجريَت على عدد من التوائم تبين أنّ احتمال إصابة الفرد بالقلس في حال كان توءمه مصابًا هو 42% في التوءم أحادي البويضة الملقحة (الحقيقي) و 26% في التوءم ثنائي البويضة الملقحة (الكاذب). هذا يدلُّ طبعًا على وجود أساسٍ جينيٍّ للمرض؛ إذ إنَّ هناك بعض الجينات التي يتجلّى دورها في عملية تبادل الأيونات ونقل المواد في الطبقة المخاطية وتنظيم تلاصق خلايا هذه الطبقة، وهذا كلُّه يؤثر -في النهاية- في سلامة هذه الطبقة وتأثرها بالعمل المخرّش للحمض المعدي. (3)
العلاج:
إنّ الهدف الأساسي من العلاج هو تحسين أعراض المرض والتخفيف من أذية المخاطية المريئية قدر الإمكان. وتتنوع الوسائل العلاجية للقلس، فقد يكون العلاج عبارة عن تغييرات بسيطة في نمط حياة الفرد كإنقاص الوزن والابتعاد عن الأطعمة المسببة للقلس كالشوكولا والكحول، وعدم النوم مباشرة بعد الوجبات، ورفع موضع الرأس في أثناء النوم (خاصة في القلس الليلي).
وهناك علاجٌ دوائي أيضًا، متمثلٌ بمثبطات مضخات البروتون (Proton Pump Inhibitor PPI) ومضادات مستقبلات الهيستامين (Histamine-Receptor Antagonists) التي تخفض إفراز الحمض المعدي مما يزيد من pH المعدة، ولكن هذا النوع من العلاج لا يعالج القيء المرافق للقلس -غالبًا- نظرًا إلى كونها لا تتدخل في كمية الحمض المرتجَع وإنما فقط تعدل الـ pH.
لدينا -أخيرًا- العلاج الجراحي بنوعيه التنظيري والمفتوح، الذي يُلجَأ إليه في حال عدم الاستجابة للدواء، أو في حال عدم رغبة المريض بالالتزام بتناول الدواء لفترة طويلة، وفي بعض الاستطبابات الأخرى. ويعتمد الإجراء الجراحي غالبًا على طَيِّ قاع المعدة حول الجزء السفلي من المريء.(1)
وتجدر الإشارة إلى وجود تقنيات أخرى تنظيرية (تنظير مريئي معدي) كتطبيق الأشعة الراديوية على مخاطية المصرة المريئية أو تقطيبها تنظيريًّا لإحداث طيات، ويعتقد أنّ فعالية هذه الإجراءات تعود غالبًا إلى زيادة ضغط المصرة المريئية السفلية أو تقليل الارتخاءات العابرة للمصرة أو كليهما.
ولكن أظهرت الدراسات تفاوتًا في فائدة هذه الإجراءات إضافة إلى الشروط العديدة التي يجب أن تتوافر لدى المريض ليكون قابلًا لتطبيقها لديه.
صورة توضيحية لعملية طي قاع المعدة
Image: https://methodistsouthlake.com/laparoscopic-nissen/
وقد ظهرت مؤخرًا تقنيات جديدة، من أهمها وأكثرها رواجًا استخدام الجراحة التنظيرية لزراعة حلقة معدنية مغناطيسية حول المصرة المريئية السفلية الضعيفة بغرض تقويتها، وتستخدم هذه التقنية عند المرضى الذين لا يستجيبون للعلاج الدوائي، وقد أظهرت تفوّقًا ملحوظًا على عملية طيّ المعدة في عدد من الجوانب (مثل الأعراض الجانبية ومدة العملية ومدة البقاء في المشفى). (5)
ما زال المجال العلاجي بصدد هذا المرض في تطور مستمر، وما زالت التقنيات الجديدة التي تظهر يومًا بعد يومٍ قيد الدراسة المكثفة والتحسين، لعلّنا قريبًا نصل إلى أفضل علاجٍ ذي أعراض جانبية أقل وأخف.
المصادر:
1. هنا
2. هنا
3. هنا;
4. هنا
5. هنا
6. هنا