ما هو السرطان - الحلقة الرابعة - كيف يبدأ السرطان؟
الطب >>>> السرطان
إنّ كل سرطان يبدأ نتيجة تغيرات تصيب خلية واحدة أو مجموعة صغيرة من الخلايا، إذ تبدأ الخلايا بالانقسام والتكاثر بشكل غير مضبوط قبل عدة سنوات من شعورك بالكتلة أو كشفها من قبل الطبيب. فالخلية السرطانية- مقارنة بالطبيعية- فقدت عدداً من الأنظمة الحيوية، ويحدث هذا نتيجة فقدان أو تأذّي بعض المورّثات في الخلية، وهذا ما يسميه العلماء بالطفرة Mutation، والمقطع التالي يوضح ذلك:
هنا
المورثات والطفرات:
المورّثات هي رسائل مرمَّزة داخل الخلية توجّه سلوكها (تخبر الخلية كيف تتصرّف)، وهي مسؤولة عن اصطناع بروتيناتها، فكل مورثة ترمّز لبروتين واحد، وفي كل خلية العديد من المورثات التي تصنع العديد من البروتينات.
البروتينات هي الأسس التي تُبنى منها الخلية. بعض البروتينات تتحكم بسلوك الخلية عن طريق تفعيل هذه البروتينات switch on أو تعطيل عملها switch off.على سبيل المثال، ترتبط الإشارات الهرمونية مع البروتينات الموجودة داخل الخلية أو على سطحها، والتي ترسل سلسلةً من الإشارات التي تأمر الخلية بالتضاعف والانقسام إلى خليتين.
والطفرة تعني أنّ المورّثة قد فُقدت أو أصيبت بأذى. يمكن أن تؤدي الطفرة إلى صنع كميات كبيرة من أحد البروتينات، كما يمكن أن تؤدي إلى عدم اصطناعه أبداً.
هنا
العامل المسرطن Carcinogen: هو عامل يسبّب أذية في الخلية بحيث يجعلها مؤهّبة أكثر للتسرطن (أي لأن تتكاثر بلا توقف وتنتج ورماً سرطانياً). على سبيل المثال، يوجد عوامل مسرطنة في دخان السجائر.
المورثات الشاذّة (غير السوِيّة) في السرطان:
توجد ثلاثة أنواع مختلفة من المورثات الهامة لجعل الخلية سرطانية:
• المورثات التي تشجّع الخلية على الانقسام (المورّثات الورمية).
• المورثات التي توقف الخلية عن التضاعف (المورثات المثبّطة للورم).
• المورثات التي تقوم بإصلاح المورّثات الأخرى المتأذّية (مورّثات إصلاح الحمض النووي منقوص الأوكسجين).
المورثات الورمية Oncogenes:
بعض المورثات تشجع الخلايا على التضاعف أو الانقسام. عند الأشخاص الطبيعيين لا يحدث هذا كثيراً، حيث أنّ الخلايا تنقسم فقط لإصلاح الأذيّة، بعد الإصابة بجرح أو بعد إجراء عملية مثلاً. ولكن إذا أصبحت هذه المورثات غير طبيعية فإنها ستأمر الخلية بالتكاثر بشكل دائم. وهذه يُطلق عليها اسم "المورثات الورمية".
المورثات المثبّطة للورم Tumour Suppressor Genes:
تتخصّص بعض المورثات في الخلية بإيقاف تكاثر أو تضاعف الخلية، وفي حال تأذّي أحدها وتوقفها عن العمل، ستستمر وتستمر الخلية بالانقسام، وستصبح الخلية خالدة لا تموت، وهذه إحدى خصائص الخلية السرطانية.
إنّ أكثر مورثة معروفة بكبحها للسرطان هي المورثة P53، حيث تقوم بإيقاف الخلايا الحاوية على مورّثات متأذّية وتحثّها على تدمير نفسها (الموت الخلوي المبرمَج أو الاسْتِماتة Apoptosis) . تكون المورّثة P53 مفقودة أو متأذية في معظم السرطانات عند الإنسان.
المورثات التي تُصلِح المورثات المتأذّية الأخرى DNA repair genes:
تقوم هذه المورثات بإصلاح أي أذية تصيب الحمض النووي DNA الذي يشكّل مورثات الخلية. في حال تأذّي هذه المورثات فلن يتم إصلاح الطفرات، وستقوم الخلية بنسخ هذه الطفرات عند انقسامها وتضاعفها. وُجد أنّ هذه المورثات تتضرّر في بعض السرطانات التي تصيب البشر، ومنها سرطان الأمعاء Bowel Cancer .
كيف تحدث الطفرات؟
قد تحدث الطفرة بالصدفة أثناء انقسام الخلية، وليس من السهل على الخلية السليمة التحوّل إلى خلية سرطانية.غالباً ما تدمّر الخلايا نفسها ذاتياً عند إصابتها بالطفرات، أو أنّ الجهاز المناعي يستطيع التعرّف على الخلايا غير الطبيعية ويقوم بقتلها. وهذا يعني أن معظم الخلايا ما قبل السرطانية تموت قبل أن تسبب السرطان، وتتحوّل أعداد قليلة فقط من الخلايا إلى سرطان.
إنّ حدوث طفرات كافية لتحويل الخلية السليمة إلى خلية سرطانية يتطلب الكثير من الوقت، لذلك تكون معظم الأورام شائعة عند الكبار الذين تعرّضوا لمدة طويلة إلى عوامل مسرطنة.
بعض الأشخاص لديهم أُهبة أو قابلية وراثية لنوع معين من السرطان أكثر من غيرهم من الأشخاص، وذلك لأنهم وُلدوا وهم يحملون واحدة من المورثات التي تجعل الخلية سرطانية.
تحتاج الخلية -كما نعلم- عدة خطوات حتى تتحول إلى خلية سرطانية، إلا أنّ الناس الذين لديهم طفرات معيّنة يكونون في طريقهم نحو تطوير نوع معين من السرطانات أكثر من الأشخاص الذين ليست لديهم هذه الطفرات.
المصدر :
هنا