مغالطة السؤال الملغوم/ المركب؛ Complex/ Loaded Question
الفلسفة وعلم الاجتماع >>>> علم المنطق والأبستمولوجيا
أياً كانت إجابتك على هذا السؤال فقد اعترفت مسبقاً باعتقادك بوجود كائنات فضائية تعيش على كوكب آخر، على الرغم من أن السؤال لم يتضمن ذلك صراحةً.
هذا الفخ الجدلي هو ما يسمى بمغالطة السؤال الملغوم/ المركب Complex/ Loaded Question /التي تعرف أيضاً بالمغالطة ذات الأسئلة المتعددة The Fallacy of Many Questions.
تظهر هذه المغالطة عندما يطرح أحد المناظرين سؤالاً مركباً (أي أنه مكون من عدة أجزاء أو أفكار أو أسئلة) بطريقةٍ توقع المُجيب عنه بفخ الاعتراف ضمنيًا بشيءٍ ما يؤدي إلى خسارته للجدل، أو لا يصب في مصلحته (1). بمعنىً آخر، قد يطرح أحدهم سؤالًا يحتوي على فكرتين أو أكثر، ولكن الإجابة عنه مباشرةً بـ "نعم أو لا" تُفهم على أن الشخص الذي أجاب موافقٌ على بعض الادعاءات الموجودة في السؤال (2).
أبسط مثالٍ على ذلك هو السؤال الذي يُتوقع إجابته بـ "نعم أو لا"، فيمكن أن يطرح سؤال مثل "هل توقفت عن ضرب زوجتك؟" أو "هل استطعت نقل الأموال التي اختلستها؟"، في هذه الحالة، الإجابة بـ "نعم أو لا" تعلن موافقة المجيب الضمنية على أنه "يضرب زوجته" أو "يختلس الأموال" (2,3).
وهنا يكمن التعقيد في هذا النوع من الأسئلة، فالسؤال لم يطرح بطريقةٍ تتيح للمجيب أن ينقض الادعاءات التي في السؤال، فيفترض السائل حقيقة ادّعاءٍ ما ويسوقه إلى النقاش من دون الحاجة إلى مناقشة هذا الادعاء بصراحة (2).
تمثل هذه المغالطة فخاً تكتيكياً شائعاً جداً في جدالات الحياة اليومية، وكذلك في أنواع خاصة من الجدالات مثل تلك التي تجري في المحاكم وفي الجدالات البرلمانية والمناظرات والمقابلات التلفزيونية، وقد يكون هذا النوع من الأسئلة -التي تكون الإجابة عنه بـ "نعم أو لا"- أداةً فعالةً جدًا إن لم يكن المحاور على يقظةٍ تامة، وخصوصًا في حال ضغط عليه السائل بقوله إنه "سؤالٌ بسيطٌ" يُجاب عليه بـ "نعم أو لا؛ مما قد لا يتيح الفرصة للمجيب لدحض جميع الادعاءات الكاذبة الموجودة في السؤال (1,2)، والأمثلة على ذلك عديدة:
1- "متى توقفت عن الخروج ليلًا مع أصدقائك؟"
يدور هذا السؤال تحديداً حول الوقت، فإذا أعطى المجيب وقتاً محدداً للإجابة على هذا السؤال فقد اعترف بوضوح بأنه كان يخرج في أوقات متأخرة!
2- "هل تنصح الشباب في استثمار طاقاتهم ووقتهم بدراسة علم التنجيم؟"
ويفترض هذه السؤال بأن التنجيم هو علم وأن الحوار هو عما إذا كان يُنصح بدراسته أم لا.
من الحالات التي يستخدم فيها السؤال الملغوم أيضاً هي الحالات التي يراد فيها نشر اعتقادٍ معينٍ بين الناس؛ فمن المتعارف عليه أنه عند طرح سؤال ما فلا بدّ أن يكون هناك شكٌ في الإجابة، لذلك تُستَغَل هذه الحقيقة لزرع معتقدات معينة في أذهان الناس حتى لو كانت غير منطقية؛ لأنه بمجرد طرح السؤال يفترض الشخص أنه من المنطقي التفكير فيه (2).
كأن يُطرح السؤال الآتي: "هل يمكن أن تكون الأرض مسطحة؟" على الرغم من أن الإجابة على هذا السؤال واضحة وبديهية إلا أن طرح الفكرة للنقاش يجعل من المنطقي التفكير بوجود احتمال أن تكون الأرض التي نعيش عليها مسطحة وليست كروية.
من الجدير بالذكر أن هذا النوع من الأسئلة ليس بالضرورة أن يكون خادعًا، ولكنه يمكن أن يصاغ بطريقةٍ خادعةٍ في الحالات التي يُراد بها منع المجيب من إعطاء إجابة منطقية تدعم موقفه من القضية (1).
وبالطبع، عند طرح السؤال الملغوم في أثناء المحادثات العادية في حياتنا اليومية، يمكن للمجيب ببساطة أن يجيب: "لا أقبل الافتراضات التي يتضمنها هذا السؤال، وأود الإجابة بالتشكيك بالسؤال نفسه." ولكن في بعض الحالات يكون إلغاء هذا الخيار متعمداً (1).
المصادر:
2. Knachel M. Fundamental methods of logic. 1st ed. Milwaukee: University of Wisconsin: Milwaukee Library Digital Commons; 2017. Available from: هنا
3. Pirie M. How to win every argument: The Use and Abuse of Logic. London: Continuum International Publishing Group; 2006. P. 29.