العواطف عند الرواقية
الفلسفة وعلم الاجتماع >>>> الفلسفة اليونانية
مثلًا يرى أبكتيتوس (Epictetus) أنَّ الموتَ نفسه لا يُسبِّبُ لنا المعاناةَ وإنما حكمنا عليه يسبب لنا الخوف؛ فالخوفُ والألمُ عواطفُ ناتجةٌ عن حكمٌ خاطئٌ ومن ثمَّ فالرأيُ الخاطئُ يجبُ التَّخلص منه (2).
وهذا ما يشرحه ماركوس أوريليوس ( Marcus Aurelius 121-180) -وهو أحد فلاسفة الرواقيين- بقوله: "إذا كنت تعاني الألمَ لسببٍ خارجي فإنَّ مصدر ألمك ليس السبب مباشرةً، إنما حكمك الذي تطلقه عليه." وبذلك يدعونا أورليوس إلى التمسُّكِ بالانطباع الأوَّلِ الذي نكوِّنه تجاهَ المواقف المختلفة، ويعطي أهميَّةً كُبرى لتدريبِ النَّفسِ على عدمِ إضافةِ أيِّ حكمٍ لهذا الانطباع الأوليِّ كطريقةٍ لتحرير النفس من العواطف الناجمة عن الأحكام الخاطئة (2).
إنّ الاختلافَ في طرح الرّواقيين للعواطفِ هو أنّهم جعلوا وجودَ علاقةٍ بين العواطف والأخلاق؛ إذ إنَّ العمليّاتِ المعرفيَّةَ التي تثير العواطف -برأيهم- عملياتٌ هدّامةٌ أخلاقيّاً، فهي غالباً ما تكون متمركزةً حول الذات (3).
ويميز الرواقيون أربع عواطف رئيسة هي: الرغبة والخوف والمتعة والألم. فالرغبةُ والخوف عاطفتان تختصان بما يمكن أن يحدُثَ في المستقبل ولكنَّ الرغبةَ خيرٌ وبذلك ينبغي الوصول إليها أما الخوف فهو شرٌّ يجبُ تجنُّبُه، على أنَّ كلًّا من الألم و المتعة يتعلقان بوضعٍ راهنٍ يتعرَّضُ له الفردُ ولكن ترتبط المتعة بالبهجة ويرتبط الألم بالحزن والكآبة.
Image: SYR RES
أما العواطف الأخرى بالنسبة لهم، فهي متفرِّعةٌ عن هذه العواطف الأربعة، فمثلاً الغضب هو نوع من الرغبة، أي الرغبة بالانتقام. كما يميّز الرواقيون بين العواطف والمشاعر الحسيّة، فشعورُنا بالعطش والجوع مثلاً لا يندرج ضمن الرغبات (4).
يُزعَم أنَّ الرواقيَّة قد أدانتِ العواطف، وهذا غير دقيق تماماً، إنما يَنظرُ الرّواقيون بعين الشَّكِّ والارتياب إلى الشخص العاطفيِّ (3).
المصادر: