تحولات : الباحثون السوريون يجدون الحل
المكتب الإعلامي >>>> حكوا عنّا
في وقتٍ تتصارع فيه الأمم على الأرض السورية، يؤمن المعسكر الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية أن حل الأزمة السورية هو حل عسكري، مباشر كان أم غير مباشر، في حين يخالفه نظيره الروسي الرأي برؤيته أن الحل يجب أن يكون سياسياً وداخلياً... ولكن بعيداً عن حرب الأمم هذه وجد "الباحثون السوريون" أن "العلم هو الحل" ...
"العلم هو الحل" هو شعار ترفعه مبادرة "الباحثون السوريون" منذ انطلاقتها في شباط 2012 كصفحة على الفيس بوك، مع فريق من الشباب والشابات المتطوعين الذين يقومون بترجمة أبحاث ودراسات ومقالات علمية غربية من اللغة الانكليزية إلى لغة عربية بسيطة ونشرها للقارئ العربي، غير المتخصص تحديداً، وذلك بقالب حديث وجذاب بأشكال الإعلام المقروء والمسموع والمرئي.
استقطبت صفحة "الباحثون السوريون" جمهوراً سورياً وعربياً كبيراً بسرعة قياسية ما دفع صاحب فكرة المبادرة "د. مهند ملك" أن يطورها ليكون للباحثين السوريين موقعاً الكترونياً مستقلاً وتطبيقاً للأجهزة المحمولة وفريقاً أكبر يتعدى اليوم ال 250 متطوع من داخل سوريا وخارجها، يعمل بكامل طاقاته رغم كل الصعوبات، لرفع نسبة المحتوى العربي على الانترنت الذي لا يتجاوز اليوم نسبة 3% من المحتوى العالمي، وذلك كخطوة أولى لرفع المستوى الثقافي والعلمي والأكاديمي للمجتمع السوري بشكل خاص والعربي بشكل عام.
تهدف المبادرة على الصعيد العالمي إلى التعاون والتنسيق مع الجهات العلمية والأكاديمية الغربية لتأمين المواد العلمية والأبحاث وأهم الأخبار والمقالات، أما على الصعيدين العربي والمحلي فتهدف المبادرة للعمل على نشر الأبحاث والمقالات العلمية الغربية بلغة عربية بسيطة وتقديمها للقارئ العربي، كما تهدف لنشر ثقافة البحث العلمي ورفع مستوى الوعي في المجتمعات العربية، بالإضافة لإنشاء أول قناة تلفزيونية وإذاعة علمية ناطقة باللغة العربية، كما تسعى المبادرة لنشر الأبحاث المعدّة من قبل الأفراد والمؤسسات العلمية العربية والسورية، وتشجيع البحث العلمي ودعمه وتمويله إن أمكن، بالإضافة إلى دعم الطلاب العرب والسوريين لإكمال دراستهم في الجامعات العالمية.
وعن مشاريع المبادرة المستقبلية وخطتها لعام 2014 حدثنا "د. مهند ملك" من بريطانيا وهو مؤسس المبادرة ويعمل الآن كباحث مساعد في جامعة كامبريدج، حيث قال: هناك مفاجآت على المدى القصير لا نستطيع دائماً حرقها بنشرها للإعلام، ولكن يمكنني القول أن الخطة والهدف الرئيسيين للباحثين السوريين لهذا العام هو الانتقال بالمبادرة من مرحلة التجريب والاندفاع والتطوع إلى مرحلة الاحترافية، وأضاف أن هناك مشاريع يعملون عليها الآن، الهدف منها توسيع دائرة تأثير المبادرة، ففي المستقبل القريب لن يقتصر جمهور الباحثون السوريون على متصفحي الانترنت ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بل سيتعداها للوصول لجمهور جديد سيتمكن من متابعة الباحثون السوريون على شاشة التلفزيون واستقبال أثيرها على الراديو.
وبالحديث عن قناة "الباحثون السوريون" الفضائية أوضح د. ملك أنها بمجرد افتتاحها ستكون أول قناة تلفزيونية علمية ناطقة باللغة العربية، مختلفة عن كل القنوات التلفزيونية الموجودة اليوم، لتكون الأولى من نوعها،حيث لا تسعى لنسخ التجارب الغربية كقناة "ديسكفري" أو "ناشيونال جيوغرافيك"، بل ستعمل على نشر آخر وأحدث الأبحاث والدراسات للمجتمع العربي فور صدورها، وليس بعد سنوات، وذلك بلغة علمية سهلة وطريقة محببة لغير المختصين.
لم تثبط سنين الحرب السورية حماسة وتصميم "الباحثين السوريين" إنما جعلتهم يشعرون بأهمية متابعة العمل وتطويره، ذلك ما دفع طلاباً وأكادميين سوريين لدعم المبادرة وتشجيعها والمساهمة بها، كما لم يقتصر الدعم على السوريين حتى تعداه لأن تصل رسائل دعم للمبادرة وجهودها من مجموعة من العلماء والباحثين والأكادميين المشهورين حول العالم، أمثال العالم البريطاني "جون غوردون" الحائز على جائزة نوبل للطب 2012، العالم الأمريكي "فينكاترامان راماكريشنان" الحائز على جائزة نوبل للكيمياء 2009، و"جيم الخليلي" وهو إعلامي عراقيوبروفيسور بالفيزياء النظرية في بريطانيا، كما البروفيسور "كارل هينريك هيلدن" من جامعة أوبسالا في السويد، وغيرهم ..
وفي السياق ذاته ينادي مؤسس المبادرة كل من يقرأ هذا المقال ويرى الواقع العربي بتراجع دائم و أنه يلزمنا عشرات السنين للوصول لما وصل إليه العالم، أن يدعم مبادرة الباحثين السوريين كواحدة من المبادرات القليلة التي تسعى لرفع مستوى الوعي العربي وذلك بنشرها على جميع المستويات الإعلامية والاجتماعية أو أن يأخذ المبادرة كشريك إعلامي له يسعى لإيصال المعلومة العلمية الصحيحة والموثوقة.
يتفق الجميع أن هناك حرباً دائرة في سوريا دخلت سنتها الرابعة. هنا، يبرز تساؤل عما يدفع الشاب السوري للتطوع بمبادرة علمية كهذه وتقديم كل ما لديه رغم الظروف الخاصة التي يمر بها، فأجاب "سليمان الرستم" وهو عضو بمجلس الإدارة ومسؤول قسمي المعلوماتية والاقتصاد في المبادرة: أن الشباب السوري بدأ بإدراك مايعطيه العمل التطوعي بشكل عام من مقابل معنوي كبير، خاصة في ظل ظروفٍ كالتي نمر بها، وأضاف: أن جزء كبير من الشباب السوري وجدوا بهذا العمل وسيلة للابتعاد عن الواقع الأليم و تقديم شيء يساهم في إعادة بناء الوطن.
أما عن سبب اختياره للتطوع مع "الباحثين السوريين" دون غيرها في وقت كثرت فيه المبادرات يقول "الرستم": الباحثون السوريون مبادرة تهتم بالعلم، والعلم فقط، ولا تعنى بأي شيء يمت للسياسة او الدين بأي صلة، لذلك أراها مبادرة لرفع سوية الثقافة في المنطقة بالاضافة لرفع الوعي بالعلم، واعتباره الطريق الوحيد للتقدم وحل المشاكل ويظهر ذلك بشكل جلي من خلال شعارنا "العلم هو الحل".
تتميز المبادرة عن غيرها بالتزامها بمجموعة من القيم أهمها "المنهجية العلمية" وهي الطريقة التي تعتمد الحقائق العلمية والطرق المنطقية في أي نقاش، والالتزام بتحييد الاختلافات الدينية والسياسية تحييداً كاملاً في العمل العلمي. "إحترام الملكية" فالمبادرة تحترم حقوق الملكية الفكرية لجميع المواد المنشورة وذلك بالتحري عن المصادر الأصلية وذكرها. "المصداقية" حيث يعمل "الباحثون السوريون" على تحري الدقة في نقل المعلومات علمياً ولغوياً من خلال فريق من الأكاديميين المتخصصين في المجالات كافة، كما تلتزم المبادرة "بالعمل المشترك" حيث تتعاون مع جميع الجهات والمبادرات العاملة في المجالين العلمي والأكاديمي.
والجدير بالذكر أن عدد متابعي صفحة "الباحثون السوريون" على فيس بوك حتى ساعة كتابة المقال تخطى ال 173.000، بمعدل 542 متابع جديد في اليوم، 55% منهم في سوريا، 38% من الدول العربية و7% من باقي دول العالم، أما موقعها الالكتروني (syr-res.com) فيحصد أكثر من 7000 زيارة يومية ليتجاوز عدد الزيارات الشهرية 200.000 زيارة.
في النهاية، يوحي اسم الباحثون السوريون لقارئه أنها مبادرة سورية ومتوجهة للجمهور السوري فقط، ولذلك أوضح "د.مهند ملك" عكس ذلك بقوله: الباحثون السوريون بحاجة لدعم الجميع، فصحيح أننا بدأنا وانطلقنا من سوريا ولكنها مبادرة لكل العرب ومتكلمي اللغة العربية، ففريقنا مثلاً لا يقتصر على الشباب السوري بل يعمل معنا شباب من العراق، السعودية، مصر، الأردن وفلسطين، حتى أن هناك شباباً عرب متطوعين من باكستان والأرجنتتين وغيرها، هنا في الباحثون السوريون يوحدنا العلم في حين لم يستطع أي شيء آخر توحيدنا على مر سنين.
المصدر: هنا