التيسير الاجتماعي.. لماذا نأكل أكثر بوجود الآخرين؟
الغذاء والتغذية >>>> عادات وممارسات غذائية
يبدو أنك لست الوحيد الذي يعتقد ذلك؛ إذ يرى الباحثون أنه من بين المحفزات جميعها -التي لا تعد ولا تحصى- التي تؤثر على خيارات التغذية للبشر، فإن التيسير الاجتماعي أقوى ما اكتشف حتى الآن (1).
ما التيسير الاجتماعي Social Facilitation؟
يعرف الباحثون بعضهم التيسير الاجتماعي أنه "زيادة في وتيرةِ أو شدةِ الفعلِ الذي يقوم به الفرد؛ إذ إنه استجابة لوجود آخرين يشاركونه السلوك نفسه"، ويشترط ذلك تفاعل الآخرين (الجمهور) على الأقل إن لم يشاركوا الفعل ذاته، تميل السلوكيات البسيطة إلى التضخم نتيجة التأثير الاجتماعي، ونظرًا لأن تناول الطعام يعد سلوكا بسيطا جدًا، فمن المتوقع أن يزداد (2).
هل يقتصر التيسير الاجتماعي على الإنسان؟
من المعروف حقيقةً أن الحيوانات تأكل جماعةً أكثر بكثير مما لو كانت لوحدها، هذا ما لاحظه باير Bayer عام 1929، عندما ترك إحدى الدجاجات تأكل ما تريد من القمح حتى الشبع، ثم أحضر دجاجة جائعة أخرى، وما أن بدأت الدجاجة الجديدة بالأكل حتى عادت الدجاجة الأولى للأكل مرة ثانية رغم شبعها، وتكررت هذه الظاهرة عند إعادة التجربة مع الخنازير، ثم الأسماك والفئران حتى أصبحت نموذجًا للتيسير الاجتماعي لدى الحيوانات.
على الرغم من أن التيسير الاجتماعي يُعدُّ ظاهرة سائدة لدى الحيوانات، لكنه لا يزال يُعتقد أن الأمر يختلف لدى البشر تبعًا لاختلاف وقت الوجبات وخيارات الطعام وأسلوب الطبخ والكميات المقدمة (2).
لماذا نأكل أكثر بوجود الآخرين؟
يعتقد بعض الباحثون أن زيادة الناس على طاولة الطعام يزيد الانخراط الاجتماعي، الأمر الذي يؤدي إلى تمديد الوقت الفعلي للوجبة، وتعرضهم للطعام لفترة أطول أي تناول كميات أكبر، ويعتقد بعضهم الآخر أن الأكل بوجود الجماعة يُبعد انتباه الفرد للطعام عن طريق مراقبة نشاطاتهم، الأمر الذي يزيل القيود التي تحدُّ من الكمية المتناولة، لكن كلا الفرضيتين لا تفسران من أين يأتي فائض الطعام المتناول، ولا تتعاملان على نحو كافٍ مع حقيقة أن التيسير الاجتماعي يعتمد اعتماداً تامًا على القرارات التي تُتخذ قبل الوجبة وكمية الطعام التي ستتاح خلالها لتناولها.
على الرغم من وجود عديد من الفرضيات لكن أيًا منها لا تشرح الظاهرة حقًا، ولا تجيب عن الأسئلة المرتبطة بها؛ إذ لا يزال هناك كثيرٌ من العمل الذي يتعين أداؤه من أجل فهم التيسير الاجتماعي للطعام (3).
تطبيقات عملية للتيسير الاجتماعي:
يمكن استغلال الفهم المتزايد لتأثير التيسير الاجتماعي على عادات الأكل، وتطبيقه مستقبلًا في استراتيجيات السيطرة على الوزن والأنظمة الغذائية؛ إذ إن تناول الفرد للطعام بمفرده، يؤدي إلى تخفيض المدخول أكثر من 200 سعرة حرارية أي ما يعادل 10% وفقًا لكاسترو Castro، التي ستؤدي نظريًا لفقدان 0.5 كغ من الدهون كل 18 يوم، وقد يقوم الجسم بالتعويض عن المدخول المنخفض مع مرور الوقت بالطبع، إلا أن الأمر بحاجة إلى دراسات طويلة الأمد لتقييم فاعلية هذا التلاعب بصفته استراتيجية غذائية (2).
المصادر: