التحليل الشكلي (Formal analysis)
الفنون البصرية >>>> تقنيات فنية
يُعد التحليل الشكلي تقنيةً مهمة من أجل تنظيم المعلومات المرئية، وهو يعتمد أساسًا على تحديد ووصف السمات الشكلية للنصوص والأعمال الفنية والعلاقة بينها، بدلًا من محتواها الجليّ ومن دون التطرق لمرجعية العمل في سياقه التاريخي أو الثقافي. يمكن لطريقة التحليل الشكلي أن تعامل الأمثلة على أنها نموذجية فترةً زمنية أو مدرسة محددة (1)، إذ يمكن استخدامه أداةً إستراتيجيةً من أجل ترجمة ما تراه العين إلى كلمات مكتوبة. يمكن تطبيق هذه الإستراتيجية على أنواع الأعمال الفنية في الفترات الزمنية جميعها سواء كان العمل هو صورة أو لوحة أو تمثال أو قطعة تراثية (2).
هناك جزءان أساسيان يُعتمد عليهما خلال عملية التحليل الشكلي؛ هما عناصر التحليل الشكلي ومبادئه.
تُعَرّف عناصر التحليل الشكلي أنها مكونات أو أجزاء عمل فني يمكن عزل كل منها على حِدة وتعريفها. تُعد هذه العناصر من الأحجار الأساسية التي يقوم عليها أي عمل فني (2,3).
الخط (Line)
هو مسار مُعرّف يَنشأ بواسطة نقطة تتحرك في الفضاء (3)، وهو لبنة الأساس في التحليل الشكلي (2,3)، وهو أحادي البعد، ويمكن أن يختلف في العرض والاتجاه والطول.
تُحدد الخطوط غالبًا حواف الشكل، ويمكن أن تكون الخطوط أفقية أو رأسية أو قطرية، مستقيمة أو منحنية أو سميكة أو رفيعة (3). تستدرج الخطوط العين ضمن إطارٍ محدد وتوصل الخطوط المعلومات من خلال ماهيتهم (3,2).
وتشير الخطوط الأفقية إلى الشعور بالراحة أو الاسترخاء؛ لأن الأجسام الموازية للأرض في حالة راحة (3).
وغالبًا ما تنقل الخطوط الرأسية إحساسًا بالارتفاع؛ لأنها متعامدة على الأرض، وتمتد إلى أعلى نحو السماء (3).
مثلًا في مشهد الكنيسة هنا تشير الخطوط العمودية إلى الروحانية، وارتقاء الإنسان إلى السماء.
إن الخطوط الأفقية والعمودية المستخدمة في تركيبة، تنقل لنا الاستقرار والصلابة. والأشكال المستقيمة بزاوية 90 درجة مستقرة هيكليًّا، يشير هذا الاستقرار إلى الدوام والموثوقية (3).
تنقل الخطوط القطرية إحساسًا بالحركة، فالأشياء الموجودة في وضع قطري غير مستقرة؛ لأنها ليست رأسية ولا أفقية، ومن ثم فهي إما على وشك السقوط وإما أنها تتحرك بالفعل (3).
هنا
تنقل زاوية السفينة والصخور إحساسًا بالحركة والسرعة في هذا المشهد.
إن منحنى الخط يمكن أن يعبر عن الطاقة، وتُذّكر المنحنيات السطحية الناعمة بمنحنيات جسم الإنسان، وغالبًا ما تكون لها جودة حسية ممتعة وتأثير ناعم في التكوين (3).
هنا
حافة البركة في هذه الصورة تقود العين بلطف إلى المنحوتات في الأفق.
المسطح والشكل ثلاثي الأبعاد (Form and shape)
للمسطحات (shapes) بعدان -الطول والعرض- وعادةً ما تُحدد بواسطة الخطوط.
أما الأشكال ثلاثية الأبعاد (forms) يضاف لها البعد الثالث (الارتفاع أو العمق) (3,2).
وتُصنّف الأشكال إلى مجموعتين: الأشكال الهندسية، والأشكال العضوية. تتضمن الأشكال الهندسية اشكالًا مثل المربع والدائرة والمكعب والكرة. وعادةً ما تكون الأشكال الهندسية من صنع الإنسان، أما الأشكال العضوية فهي غير منتظمة أو متناظرة، وتوجد في الطبيعة، إلا أن ذلك لم يمنع الإنسان من تقليدها (3).
الفضاء (Space)
الفضاء هو المساحة الواقعة بين الأجسام وحولها، ويتأثر إدراكنا للأجسام عن طريق زيادة أو نقصان الفراغ حول هذه الأجسام (2).
تسمى المنطقة حول الجسم الأساسي في العمل الفني بالمساحة السلبية (negative space) أما المساحة المشغولة بالجسم الرئيس فتسمى بالمساحة الإيجابية (positive space)، والعلاقة بينهما لها الأثر الكبير في تلقي العمل الفني (3).
فضاؤنا الحقيقي هو فضاء ثلاثي الأبعاد، أما فضاء العمل الفني فيمنح شعورًا بالعمق أو الإحساس الواقعي عن طريق استخدام الأبعاد الثلاثة (3).
هنا
يحتل الرجل وظله المساحة الإيجابية، في حين أن المساحة البيضاء المحيطة به هي المساحة السلبية. يُبرز المقدار غير المتناسب من المساحة السلبية ضعفَ الشخصية وعزلتها.
يتحقق الوهم المثالي للفضاء ثلاثي الأبعاد في عمل فني ثنائي الأبعاد من خلال تقنيات رسم المنظور والتظليل، وهو شيءٌ عمل عليه عديدٌ من الفنانين مثل (Pieter Saenredam - بيتر ساينريدام) صاحب لوحة الكنيسة أعلاه (3).
اللون (color)
الألوان تجعلنا نميّز الخطوط والأشكال والفضاء، حتى اللوحات التي بالأبيض والأسود تحوي تدرجاتٍ كثيرة من الرمادي (2).
يحتوي اللون على ثلاث خصائص رئيسة: تدّرج اللون (hue) (أحمر، أخضر، أزرق، إلخ)، والقيمة (value) (فاتح أو غامق)، والكثافة (intensity) (مدى سطوعه أو بهتانه) (3).
يمكن وصف الألوان بأنها دافئة (حمراء، صفراء)، أو باردة (زرقاء، رمادية) (3).
وتُشير الألوان الداكنة في التركيب إلى قلة الضوء، كما في مشهد ليلي أو مشهد داخلي، وغالبًا ما تنقل إحساسًا بالغموض. في حين تصف الألوان الفاتحة مصدر الضوء أو الضوء المنعكس داخل التكوين.
وتصف الكثافة نقاء اللون أو قوته، وغالبًا ما ترتبط الألوان الزاهية غير المخففة بالطاقة الإيجابية والمشاعر المتزايدة، الألوان الباهتة تكون قد خُففت عن طريق المزج مع ألوان أخرى لخلق حالة مزاجية هادئة أو جادة (3).
هنا
القوام (Texture)
جودة السطح التي يمكن رؤيتها والشعور بها، ويمكن أن تكون خشنة أو ناعمة أو لينة أو صلبة (2,3).
في عمل ثنائي البعد يُعطي القوام إحساسًا بصريًّا عن كيف سيكون إحساس الشيء في الحياة الواقعية إذا لُمس: صلب، ناعم، خشن، أملس، مشعر، حاد.…إلخ (3).
ويميل الفنانون في الأعمال ثلاثية الأبعاد إلى إعادة خلق النسيج الحقيقي للأشياء لإعطاء العمل بعدًا واقعيًّا إذا ما لُمس (3).
هنا
في هذه اللوحة رداء الرجل مرسوم ليحاكي الحرير.
تندمج مبادئ التحليل مع عناصر التحليل السابقة وتُبنى على بعضها بعضًا.
إن الاعتماد هنا على الصورة الآتية - مثالًا مرئيًّا- من أجل توضيح المبادئ (2).
Image: https://www.kennedy-center.org/globalassets/education/resources-for-educators/classroom-resources/artsedge/article/formal-visual-analysis-img_1921.png
التوازن (Balance)
يُخلق التوازن في العمل الفني عندما يُدمج القوام والألوان والأشكال بتناغم.
في الصورة السابقة يمكن ملاحظة التوازن الذي حققه المصور من خلال قسم الصورة إلى قسمين؛ نصف تشغله الأشجار والنصف الآخر بالماء (2).
التباين/ التفاوت (Contrast)
هو استخدام العديد من العناصر لجذب انتباه المشاهد وتوجيه عينه ضمن تفاصيل العمل الفني. في مثالنا يتباين قوام الأشجار مع قوام الماء (2).
الحركة (Movement)
هي الطريقة التي تُوجَّهُ فيها عين المشاهد للانتقال ضمن العمل الفني، غالبًا إلى مناطق التركيز.
توجه الحركة بالخطوط أو الأشكال المتناقضة أو الألوان داخل العمل الفني.
في المثال، تتحرك أعيننا لأعلى عبر تموج سطح الماء إلى المجدفين. من هناك، تنتقل أعيننا إلى قوام أوراق الشجر وألوانها المتناقضة في النصف العلوي من الصورة (2).
التشديد (Emphasis)
إن التشديد يكون عندما يخلق الفنان تباينًا في الألوان أو الأنسجة أو الأشكال لتوجيه عين المشاهد نحو جزء محدد من العمل.
في المثال، تتباين ألوان زوارق التجديف مع الألوان الصامتة الخلفية، مما يجذب الانتباه فورًا إلى المجدفين، على الرغم من صغر حجمهم نسبيًّا (2).
النقش (Pattern)
هو تكرار الشكل أو القوام في العمل الفني.
يخلق الضوء المنعكس على الأمواج في الماء نمطًا في النصف السفلي من الصورة (2).
النسبة (Proportion)
تُنشأ النسبة عندما تُدمج أحجام العناصر في عمل فني متناغم.
في الصورة، تظهر النسب جميعها تمامًا مثل توقع المرء؛ إذ إن الأشكال البشرية أصغر بكثير من الطبيعة التي تحيط بها (2).
الوِحدة (Unity)
إن إنشاء الوحدة عندما تكون مبادئ التحليل موجودة بانسجام.
وتتمتع بعض الصور بإحساس كامل بالوحدة، في حين يتجنّب بعض الفنانين على نحوٍ متعمّد الوحدة الشكلية لإثارة مشاعر التوتر والقلق.
في الصورة، تخلق المساحات الكبيرة من القِوام والأنماط والألوان المتناقضة إحساسًا بالتوازن والوحدة داخل التكوين (2).
إن فهم هذه النظرية جيدًا يُمكّن طلاب الفن من تنفيذها وتطبيقها على أعمالهم الفنية سواء كان بالتصوير أو الرسم أو النحت (2).
المصادر:
2- Formal visual analysis: The elements & principles of composition [Internet]. The Kennedy Center. [cited 2022Dec31]. Available from: هنا
3- Elements of Art. [Internet] The J. Paul Getty Museum [cited 2022Dec31]. Available from: هنا