Jan Van Eyck
الفنون البصرية >>>> فنانون عالميّون
كان هناك العديد من الرسامين المشهورين خلال نهاية العصور الوسطى وعصر النهضة ، ومنهم الأسياد الإيطاليون العظماء مثل ليوناردو دافنشي. ومع ذلك ، فإن رسامي أوروبا
الشمالية ، مثل جان فان إيك، حققوا أيضًا تقدمًا كبيرًا في مجال الفن. مَنْ هو جان فان إيك؟
هنا
النشأة والطفولة
جان فان إيك هو أشهر فرد في عائلة من الرسامين، يُعتقد أنهم من بلدة Maaseik، بالقرب من (Maastricht) ماسترخت (1-4)، لا يوجد معلومات كثيرة أو دقيقة عن طفولته، بما في ذلك سنةَ ميلاده، التي يُرجح معظم العلماء أنها بين عامي 1385 و1395. وهو الأخ الأصغر لهوبيرت (Huybrecht)، ولامبرت (Lambrecht) ومارجريت، وجميعهم معروفون بأنهم رسامون. يُعتقد أن هوبرت تولى مسؤولية التعليم الفني لجان وجعلَه "تلميذًا" له(4).
هنا
ولادة الفنان
عمل فان إيك في بلاطين، إذ حصل على رتبة رسام البلاط لجون بافاريا-دوق هينو هولندا- (1422-1424)، ووثقَ منصبه في البلاط أولَ مرة بمدفوعات تعود إلى عام 1424، على الرغم من أنه تولى المنصب قبل هذا التاريخ (1-4).
ثم حصل على منصب مرموق مع فيليب الصالح-دوق بورغوندي- (1425-1441). أمنَّ له العمل في البلاط مكانةً اجتماعية عالية غير عادية بالنسبة لرسام، فضلًا عن الاستقلال الفني عن نقابة الرسامين في بروج، وهذا دليل على أن فان إيك كان ينتمي إلى طبقة النبلاء.
وقد أرسله الدوق فيليب في مهام تتطلب ثقة كبيرة(1-4)، وصفت في السجلات بأنها "رحلات محددة بعيدة وسرية"، تشير إلى القرب والإعجاب الذي حاذ بهما الفنان لدى الدوق فيليب، تضمنت هذه المهمات الدبلوماسية رحلة حج لفيليب إلى الأرض المقدسة، ورحلات مكثفة إلى إيطاليا، وإلى إنجلترا، وربما إلى براغ. وسمحت له ذاكرته البصرية القوية بتذكر العديد من الأشخاص والمشاهد التاريخية التي استفاد منها لاحقًا في لوحاته (4).
الرحلة الدبلوماسية الموثقة والأكثر شهرة هي إلى لشبونة عام 1428، إذ رسم صورتين للأميرة إيزابيلا من البرتغال التي أصبحت لاحقًا زوجة فيليب الثالثة. وأُرسلت اللوحات إلى الدوق على نحو منفصل؛ واحدة عن طريق البر والأخرى عن طريق البحر، لكن لسوء الحظ وعلى الرغم من استلام فيليب لصورتَي الخطبة، إلا أنهما فُقدتا الآن ولم يتبق سوى النسخ (4).
هنا
على الرغم من عدم تلقيه تعليمًا رسميًّا، إلا أنه كان بإمكان فان إيك القراءة والكتابة، والنقوش التي على لوحاته واطارتها المميزة تدل على معرفته باللاتينية واليونانية والعبرية، إضافة لتوقيعه على لوحاته الذي كان يعتمده شعارًا شخصيًّا -كتابة صوتية يونانية- (Als ich kan As) بمعنى "بقدر ما أستطيع" (3).
هنا
وهكذا، ومع استوديو فني رسمي ومساعدين مستأجرين لمساعدته ونسخ لوحاته - هكذا كانت
العادة في تلك الفترة الزمنية- بدأت سمعة فان إيك في الانتشار في كل أنحاء أوروبا(4).
إسهاماته وإنجازاته في المجال الفني
جلبت تقنية جان فان إيك المبتكرة -في وضع طبقات رقيقة من الطلاء الزيتي- واقعيةً مذهلة للمشاهدين في ذلك الوقت إضافةً لتصويرهِ الدقيق تأثيرات السطح والضوء الطبيعي (1,4)، وبفضل استخدامه لوسيط الزيت أصبحت التحولات التدريجية بين مناطق الألوان ممكنة بسبب وقت الجفاف البطيء للطلاء الزيتي بالمقارنة مع الألوان المصنوعة من البيض، مما سمح باستخدام الألوان على نحو أكثر تحديدًا لتصوير المنظور والمساحة العميقة والنمذجة الواقعية (4).
وبعد حوالي قرن من الزمان، وتحديدًا في القرن السادس عشر، ذهبَ الرسام والمؤرخ جورجيو فاساري إلى حدّ أن ينسبَ إليه اختراع الرسم الزيتي، إذ كتب: "لقد كان اختراعًا جميلًا للغاية وملاءمةً كبيرة لفن الرسم، اكتشاف التلوين الزيتي". وهي أسطورة استمرت حتى القرن التاسع عشر، ولكن حتى عندما دُحضت، احتفظ فان إيك بلقب "أبو الرسم الزيتي" ويعود إليه الفضل في ابتكار البورتريه الحديثة من خلال رجله الغامض في عمامة حمراء (قد تكون صورة ذاتية) وصورة أرنولفيني(Arnolfini)(4).
لقد كانت مهارة جان إيك لا تُضاهى في الوهم التصويري. يكشف المنظر في لوحة الصلب، بأرضه الصخرية المتصدعة، والتكوينات السحابية العابرة، والتفاصيل اللامتناهية نحو الأفق الأزرق، عن دراسته المنهجية والتمييزية للعالم الطبيعي(3).
هنا
منذ القرن الخامس عشر وما بعده، عبّرَ المعلقون عن دهشتهم وإعجابهم بقدرته على محاكاة الواقع، وعلى وجه الخصوص، إعادة إنشاء تأثيرات الضوء على الأسطح المختلفة من الانعكاسات الباهتة على الأسطح المعتمة إلى الإضاءة المتغيرة على المعدن أو زجاج. تكثر هذه الآثار في عذراء كانون فان دير بايلي (1434-1436)، كما يتضح من الخيط الذهبي اللامع لغطاء القديس دوناتيان المزركش، أو الانعكاسات الصغيرة المشوهة لأشكال السيدة العذراء والطفل التي تتكرر في كل منحنى لخوذة القديس جورج المصقولة (3).
هنا
و تعكس المرايا المرسومة في (The Arnolfini Portrait) أحداثًا خيالية غير مرئية تحدث خارج مساحة الصورة، إذ تعكس المرآة المحدبة على الجدار الخلفي شخصين صغيرين يدخلان الغرفة، أحدهما على الأرجح فان إيك ذاته، ويوحي بتوقيعه البارز أعلاه، والذي يقرأ "كان جان فان إيك هنا 1434"(3).
هنا
إن الجهاز البصري للمرآة يخلق خيالًا مبتكرًا يتضمن الاستمرارية بين العالمين التصويري والواقعي، ويُشرك المشاهد مباشرةً في بناء الصورة ومعناها، هذا إن دلّ على شيء فيدل على مستوى التطور التقني الذي حققه إيك في لوحاته، مما أدى إلى نظريات تأملية عن تفوق مواده وأدواته وتقنياته منذ ذلك الحين (4).
الجدير بالذكر أن عملية البحث عن وصفته للطلاء، والتي تشتهر بالسرية، استمرت على مر القرون، وصمدت أمام تدقيق الخبراء والحفظ والتطورات المستمرة في تقنية الأشعة السينية التي تبحث عن التركيبة الحقيقية لوسيط الزيت خاصته المتميز بالثبات ودوام اللمعان (4).
هنا
وفاته
في عام 1431 ، اشترى جان منزلًا في بروج، وتزوج من امرأة اسمها مارغريتا، من طبقة أدنى ولكن نبيلة، أنجبت له عشرة أطفال.
كان الدوق فيليب هو الأب الروحي لطفلهما الأول فيليب أو فيليبينا. استمر فيليب في دعم عائلة فان إيك، حتى بعد وفاة الفنان الموقر عام 1441 (4).
هنا
إن عملية الإجابة على سؤال ما، لا تؤدي إلا إلى مزيد من الأسئلة. ويبقى الفنان ولوحاته لغزًا جذابًا،وهذا وصف المتخصص في الرسم الهولندي المبكر ماكس جيه فريدلاندر، ذات مرة: "هنا كما هو الحال - وفي الواقع، في كل مرجع قديم الاسم الأول هو فان إيك." (4).
المصادر: