تطور الموسيقا في الأفلام
الموسيقا >>>> موسيقا
إنّ الموسيقا قادرة على شدّنا عاطفيًّا، فحياتنا اليومية لا تجري دائمًا على إيقاع موسيقا تصويرية، فهل غيابها في الأفلام يُعدّ خيارًا إبداعيًّا لتعطي انطباعًا توثيقيًّا وواقعيًّا للحدث؟
لكن قبل أن تكون الموسيقا خيارًا، كانت ضرورةً لجأَ إليها صانعو الأفلام في بداية السينما، وتطورت مع الزمن من أفلام ال (Talkies) في نهاية العشرينات إلى الإنتاجات الهوليوودية الضخمة، مرّت الموسيقا التصويرية عبر التاريخ في مراحل عديدة (1)، لنتعرف إلى أبرز هذه المحطات.
بدايات السينما:
حاستا السمع والبصر متلازمتان في حياتنا اليومية، فنحن نسمع الحدث بالتزامن مع رؤيتنا له، ولذلك عندما أُنتج أول الأفلام الصامتة في نهاية القرن ال19، كان الجمهور في حالةِ صدمةٍ واستغراب عند رؤيتهم الأحداث دون صوت مرافق (1).
في ذلك الحين، كان تسجيل الأصوات وإنتاجها ما يزال في بداياته المتواضعة، فلجأَ صانعو الأفلام إلى فرق سيمفونية لعزف موسيقا بالتزامن مع عرض الفيلم (Live)، وغالبًا ما كانوا ينسجون مقاطع كلاسيكية مشهورة لتتناسب مع القصة والأحداث (1,2).
لكنّ تطور أورغن السينمائي قدّم أول الحلول الهجينة، إذ سمحَ بالاستعاضة عن أوركسترا كاملة بعازف واحد مع مجموعة واسعة ومتنوعة من الأصوات (1).
أول محاولة لتسجيل صوت مترافق مع التصوير كانت بالاعتماد على الأسطوانات و آلة الفونوغراف (الجرامافون) (2)، لكنه لم يكن خيارًا عمليًّا (3)، ولاحقًا، مكّنت التطورات التكنولوجية من تسجيل الأصوات إلى جانب مقطع قصير من شريط الفيلم (1,3)، وكان مغني الجاز (Jazz Singer) أول فيلم طويل يحتوي صوتًا متزامنًا (3).
بحلول الثلاثينات أصبحت هذه التكنولوجيا معروفة في المسارح جميعها، وبداية حقبة الموسيقا الأوركسترالية في الأفلام، و كان الأسلوب الرومانسي هو الغالب، إذ تتماشى مع الأجواء العاطفية لأفلام تلك الحقبة، وفي معظم الأوقات كانت تؤلّف على البيانو ثمَّ توزع لتؤديها أوركسترا كاملة (1).
التطور التكنولوجي والموسيقا الإلكترونية:
شكلت نهاية الستينيات نقطة تحوّل في تاريخ موسيقا الأفلام، فمع ظهور أول مُركِّب للصوت المُصطنَع (synthesizer) متوفر تجاريًّا، تحققت أمنية عديد من المؤلفين وأصبح من الممكن لهم الوصول لمجموعة واسعة من الأصوات بسهولة (1).
غالبًا ما كان يُنظر إلى الموسيقا الإلكترونية بازدراء لارتباطها بمفاهيم مستقبلية وغير بشرية، كأصوات الفضائيين والروبوتات، لكن مع تطور التقنيات، أصبح من الممكن إنتاج مجموعة مختلفة من الأصوات الواقعية مع تكلفة رمزية. الأمر الذي أتاح تأليف وأداء قطع موسيقية كاملة في الاستيديو بالاعتماد على قدرة ال synthesizer بإنتاج أصوات لكافة الآلات الموسيقية منها النفخية والإيقاعية والوترية، وعلى الرغم من أنّ النتائج كانت مُبهرة جدًّا غيرَ أنّها لم تصل بعد للواقعية التامة، لكنّها أحدثت ثورة في مجال الإنتاج الموسيقي، ولجأ عديد من المؤلفين الموسيقيين إلى بناء مكتبة شخصية للأصوات الموسيقية الخاصة بهم والتي تعكس أفكارهم واهتماماتهم وأسلوبهم الفني، وقامت شركات الإنتاج لاحقًا بنسخها على أقراص مضغوطة (CD) وطرحها في الأسواق (1).
مع نهاية التسعينات اتّجه المؤلفون للاعتماد على الكومبيوتر في إنتاج أعمالهم عن طريق تطبيقات وأنظمة تشغيل مختصة بالإنتاج الموسيقي، وتتميز بكونها أسهل تعاملًا وأقلّ تكلفةً من الأساليب التقليدية (1).
كما رأينا، تطور التكنولوجيا وظهور العينات الموسيقية (samples) جعلت عملية التأليف الموسيقي أبسط وأيسر وأسهل في الوصول، لكن هذا لا يعني أن الإنتاجات الموسيقية الحديثة أقلّ تعقيدًا مما كانت عليه (1).
المصادر:
2.1.A Warming Flame--The Musical Presentation of Silent Films | Articles and Essays | Silent Film Scores and Arrangements | Digital Collections | Library of Congress [Internet]. Library of Congress, Washington, D.C. 20540 USA. Available from: هنا
3.Science Media Museum. A very short history of cinema [Internet]. National Science and Media Museum. 2020. Available from: هنا