مستويات الرصاص في الوقود ومعدلات الجريمة
الكيمياء والصيدلة >>>> كيمياء
هل أدّى حظر إضافة الرصاص إلى وقود السيارات (البنزين) إلى انخفاض معدّلات الجريمة؟ يربط الباحثون بين هذا العنصر السامّ وبين السلوك العنيف والمتهوّر
أكيد سمعتوا بالمثل الشائع "الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرَسون"! خلّينا نعدّل عليه شوي ونقول "الأمّهات يتعرّضون للرّصاص المتحرّر من وقود السيارات بالجوّ، وأبناؤهم يصابون بالتشوّهات الولاديّة وانخفاض معدّلات الذكاء والميل المتزايد إلى السلوك العدواني والعنيف"!!
كيف؟ خلينا نشوف شو القصة واقروا معنا هالخبر.
هناك مجموعة متزايدة من البحوث يمكن لها أن تفسّر سبب ارتفاع معدّلات الجريمة أثناء ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين، ومن ثَمَّ انخفاضها بدرجة ملحوظة مع مطلع القرن الحالي s)2000(، حيث ربطت دراسة جديدة استخدام البنزين الحاوي على الرصاص بمعدّلات الجرائم العنيفة في ستّ مدن أمريكية.
تسبّب المستويات العالية من الرصاص- كما نعلم منذ أمد بعيد- تشوّهاتٍ خِلْقِيّة وانخفاضاً بالذكاء ومشاكلَ سمعيّة، ولم يكن من المألوف لدى الباحثين ارتباط الرصاص بزيادة مستويات العدوانيّة.
قال Howard W. Mielke، الاختصاصيّ في علم السموم من جامعة تولين (Tulane)، بأنّ تعرّض الأطفال لمستويات عالية من الرصاص في ستينيات وسبعينيّات القرن المنصرم قد نتج عنه تنامٍ كبير في معدّلات الجريمة خلال العقدين التاليَين. ولكنّ اتّجاه الناس إلى استخدام البنزين الخالي من الرصاص بنسبة أكبر في الثمانينيات خفّض معدّلات الجريمة بنسب متوافقة.
وقد وجد مايلك (في المدن المدروسة) بأنّ كلّ زيادة بنسبة 1% في عدد أطنان الرصاص المتحرّرة في الجوّ أدّت إلى زيادة نصف نقطة مئوية (0.5%) في معدّل الاعتداءات المتفاقمة، بعدها ب 22 عاماً.
وبعبارة أدقّ، نتج عن تحرّر كل طن متري metric ton من الرصاص زيادة في الاعتداءات بنسبة 1.59 حالة اعتداء خطيرة لكلّ مئة الف نسمة ؛ أي إضافة الملايين من عمليّات إطلاق النار والطعن والضرب على المعدّل الموجود سابقاً.
استطاعت البيانات شرح 90 % من الصعود والهبوط في معدلات الجريمة في المدن التي شملتها الدراسة.
لم تكن هذه هي الدراسة الوحيدة التي أشارت إلى الارتباط بين مستويات الرصاص المرتفعة في الجسم والميل إلى السلوك العنيف، حيث أظهرت دراسة الدكتور هربرت نيدلمان الباحث بجامعة بيتسبرغ Pittsburg، في عام 1996 الزيادة الواضحة في السلوك العدواني عند الأطفال ذوي المستويات المرتفعة من الرصاص بالمقارنة بأصحاب المستويات الطبيّعية. كما أكّدت هذا الارتباط دراسةٌ أجريت عام 2002 على الشباب الذين تمّ اعتقالهم، حيث وجدت لديهم مستويات من الرصاص في عظامهم أعلى بكثير من مستويات أقرانهم غير الجانحين .
ولكن ما هو سبب إضافة الرصاص إلى الوقود؟ وما سبب حظره فيما بعد؟
أضافت شركة جنرال موتورز مادّة الرصاص إلى البنزين لمنع ضَوَجان المحرّك في العشرينات من القرن الماضي 1920s. وكانت أكثر المواد المضافة شعبيّةً هي رباعي ايثيل الرصاص (tetraethyl lead)، التي سرعان ما اجتاحت أغلب أرجاء العالم.
وبحلول السبعينيات 1970s، بدأ انتاج السيارات المزوّدة بمحوّل حفّاز catalytic converter (جهاز بالسيّارة يحوّل الغازات الضارّة إلى موادّ غير ضارّة)، والتي لم تكن متلائمة مع استخدام البنزين الحاوي على الرصاص.
كذلك بدأت الحكومة بزيادة فرض الضرائب على الوقود غير الخالي من الرصاص، نتيجة ضغط المدافعين عن البيئة، الذين استشهدوا بالأبحاث الآخذة بالازدياد التي تُظهر بأنّ هذه المضافات هي في الواقع سموم عصبيّة ترتبط بالتسبّب بالعيوب الخِلْقِيّة للمواليد.
سُحِبَ الوقود الحاوي على الرصاص تدريجيّاً في الثمانينيات (1980s)، ومُنِع استخدامه في المَركَبات على طرق الولايات المتحدة في عام 1996 . ولكنّه ما زال يستخدم حاليّاً في سيارات السباق والطائرات التي تعمل بالطاقة piston-powered airplanes وبعض المركبات التي تسير على الطرق الوعرة off-road
المصدر:
هنا