الغريب.. عندما يتجلى منطق العبث.
كتاب >>>> روايات ومقالات
ألبير كامو، أديب فرنسي، من مواليد الجزائر، حاصل عى جائزة نوبل للآداب، له أعمال عديدة لعل أشهرها روايتنا اليوم "الغريب" والتي نشرت في العام 1942 وتحكي قصة الشّقي مورسو، هذا الإنسان اللامبالي والمجرد من الكثير من المشاعر العاطفية، ويعيش يومه فقط لأن شمساً جديدةً أشرقت عليه.
مورسو لا يجد غضاضةً في أن يودع أمه دار المسنين، فتبكي هذه الأم ولكنه لا يتأثر بل يقول بأنها ستتعود حتى أننا لو أخرجناها من الدار بعد عدة شهور ستبكي أيضاً! ويعمل مورسو في وظيفةٍ مكتبية وليس له أي طموح في التطور الوظيفي فهو لا يبالي بعرض مديره الذي يقترح عليه أن ينتقل إلى فرنسا ويدير فرعاً للشركة هناك ويقول بأنه هنا أي في الجزائر لا ينقصه شيء! مورسو يصاحب ماري لأنها الوحيدة التي أمامه ويرضى أن يتزوجها ليس لأنه يحبها بل لأنها عرضت عليه الزواج ويقول بأن الأمر سيّان! يتعرف على شخص ذو سمعة سيئة (قوّاد نساء) ويدخل معه في متاهات تنتهي بأن يقتل أحد الأشخاص أعداء صديقه دون أن يشعر بأي ذنب! تحكم عليه المحكمة بالإعدام فيقول: "إنني مستعد أن أبدأ الحياة من جديد" والحياة التي يقصدها هي الحياة بعد الموت! ربما يحسب لمورسو ما جرى في المحاكمة فالجميع اتهموه بأنه إنسان لا مبالٍ وغريب الأطوار وبناء على ذلك كان قرار المحكمة، وربما كانت هذه فكرة وجودية صرفة فسارتر يقول: "الجحيم هم الآخرون" فالوجودي دائماً محكوم بالجحيم الذي يولده المحيط.
من خلال تتبع أدب كامو نجد أنه ينهج ما يدعى بمنطق العبث (العبثيّة)، فهو يرى أن الحياة عبث ولا تستحق العناء، وهو متمرد على كل ما يقيد الإنسان في هذه الحياة ولكنه يقر بأن هذه القيود ستبقى موجودة ولا يمكن أن يتخلص منها الإنسان وبالتالي فالشقاء محتوم علينا ومحاولات التحرر ستكون بلا جدوى وستبوء بالفشل.
اشتملت هذه النسخة على ثلاث قصص هي: الغريب والزوجة الخائنة والفنان المتوحد. وينطبق المنطق الفلسفي لرواية الغريب على القصص الأخرى. لا أعلم سر تمجيد الناس لكامو ولفلسفته وأدبه؟ فهذا أدب سلبي وعبثي يثير الشقاء في النفس البشرية.
ما يحسب للفلسفة الوجودية هو إيمانها بالإنسان المجرد والمطلق والمتحرر من كل قيوده الدينية والسياسية والاجتماعية وأنه كائن يملك قدرة الاختيار وهو مسؤول عن هذا الاختيار دائماً وحتى وإن لم يختار فإنه يختار عدم الاختيار، لذلك فهو من يقرر مصيره دائماً.
يوجد نقطة مهمّة لاحظتها في هذا الكتاب وهي صورة العربي في أدب كامو، فالعربي في هذه القصص هو دائماً مصدر قلق وإزعاج وهو نكرة دائماً لم يذكر بخير أبداً! كيف يبرر الوجودي كامو هذا الوصف وهو الذي يتبنى قضية الإنسان مجرداً من كل انتماء؟
كلّما قرأت شيئاً للوجوديين تذكرت عبارةً لعباس محمود العقّاد يقول فيها: "إن الفلاسفة الوجوديون ليسوا إلا جماعة نصابين قد أصيبوا بالأرق وبدلاً من أن يبتلعوا بعض الأقراص المهدئة، فإنهم فرضوا الأرق فلسفة على الجميع". ولعَل هذا مذهبي ورأيي أيضاً.
معلومات الكتاب:
الكتاب: الغريب وقصص أخرى.
تأليف: ألبير كامو
ترجمة: د.رحاب عكاوي.
دار النشر: دار الحرف العربي- بيروت
نوعية الكتاب: ورقي 191 صفحة قطع متوسط.
الترقيم الدولي: 5-48-542-9953-978