لماذا لا ينجح فائقو الذكاء في ريادة الأعمال؟
الاقتصاد والعلوم الإدارية >>>> اقتصاد
و من هنا تبدأ دورة العمل عند أولئك الأذكياء، فهم يقومون بكل شيء أفضل من غيرهم. يكتبون و يخططون و يفكرون بشكل أفضل. فهم أفضل في كل شيء إلى أن يحين وقت إدارتهم لأعمالهم الخاصة، و من هنا تبدأ الكارثة.
هناك 24 ساعة في اليوم الواحد يحتاج فيها الشخص لأن يأكل و يشرب و يستحم و ينام بالإضافة إلى العديد من الأعمال الأخرى. و لا يحتمل الأذكياء أن يخطئ شخص ما عندما يساعدهم في أعمالهم، فهم لا يثقون بأي أحد و يريدون القيام بكل شيء بأنفسهم ضمن الوقت المتاح لهم. فهم عالقون في متاهة وظيفة الشخص الواحد، و ينتهي بهم الأمر في غالب الأحيان في الأعمال التي ليس لها تطور وظيفي.
الاتكاليون أفضل من غيرهم في ريادة الأعمال
من المثير للاهتمام أن بعض الاتكاليين أفضل في ريادة الأعمال من أي شخص آخر "فائق الذكاء". و ذلك لأنهم يعرفون كيف يحيطون أنفسهم بالأذكياء ليقوموا بالمهام الصعبة عنهم. و هم يمتلكون القدرة على جعل الآخرين يقومون بعملهم هم أنفسهم.
نسبة الذكاء التي تتمتع بها يجب أن تعتمد على مدى قدرتك على أداء الأعمال أو نقلها لغيرك
في الواقع يكون الأذكياء معتادين على أداء جميع الأعمال بأنفسهم، و بالتالي فهم لا يتعلمون أهم المهارات التي تساهم في إنجاح أعمالهم الخاصة بما في ذلك المهارات المرتبطة بنقل أكبر نسبة ممكنة من الأعمال للغير أو أداء هذه الأعمال. و حتى تكون ذكياً بالفعل لا بد لك من توجيه من يمتلكون المقدرة من حولك حتى يقوموا باستخدام المهارات التي يمتلكونها بأفضل أسلوب.
قد يكون هؤلاء الأشخاص أكثر ذكاءً مما يتطلبه عملك
يتصف الأشخاص فائقو الذكاء بحبهم للانفراد بأسلوبهم الخاص الذي يبتعد كل البعد عن البساطة و الاعتيادية، فكلما كانت الأمور أكثر تعقيداً و اختلافاً، كلما كانت أفضل بنظرهم، و لكن طبيعة الأعمال الخاصة تختلف عن ذلك في كونها قائمة على البديهيات البسيطة البعيدة عن التعقيد و التكلف. فإذا نظرت إلى خطوط التجميع في أي مصنع إنتاج عملاق أو إلى التواجد العالمي لمطاعم ماكدونالدز، فقد تعتقد بأنها تعج بالعمليات المعقدة، إلا أنها في الواقع عبارة عن سلسلة من الوظائف و العمليات البسيطة للغاية. فكل مهمة تتم تجزئتها إلى مجموعة من الخطوات التي يسهل إتباعها. فالذي يعمل في خطوط التجميع يقوم بمجموعة من المهام المتتابعة التي تتشابه في طبيعتها بحيث تكون واضحة و سهلة. و بالمثل في حالة الطهاة في مطاعم ماكدونالدز، أو عمال توصيل الطلبات .
توظف معظم الشركات العالمية الكبيرة و الناجحة عادة أشخاصاً عاديين (أو أغبياء أحياناً) عوضاً عن توظيف أكثر الأشخاص ذكاءً. فهذه الشركات لديها عدد من الأذكياء يكفي للقيام بنقل المهام و الأعمال إلى غيرهم لتسهيل سير الأعمال بشكل طبيعي للسيطرة على زمام الأمور.
إن كونك شخصاً ذكياً لن يفيدك إلا اذا استطعت استخدام غيرك من الأذكياء لإيجاد طريقة لتسهيل و تبسيط الأعمال و المهام التي ستجعل من عملك الخاص مؤسسة ناجحة. و هذا ليس بالأمر السهل لأنه مخالف تماماً لكل ما تعلمته في السابق، و هو من أهم الأسس التي تقوم عليها المؤسسات و الشركات الناجحة.
الأذكياء لديهم الكثير ليخسروه
إحدى المشاكل التي تواجه الأذكياء عندما يرغبون في إطلاق أعمالهم الخاصة هو أنه لديهم الكثير ليخسروه. فكلما كنت أكثر ذكاءً تتوافر لديك المزيد من الفرص و الخيارات لكسب المال عن طريق التطور الوظيفي في مختلف المجالات. مما يعني بأن أمامك العديد من الفرص التي قد تضيعها بالمقارنة مع شخص عادي ليس لديه ما يخسره و يكسب أقل منك بكثير. تسمى هذه الحالة بمعضلة (القيود الذهبية) حيث أن لديك الكثير لتخسره مما يعني بأنك تحتاج لفرصة عمل خاصة بك لتعوضك عن كل ما هو متاح لك ليصبح عملك الخاص فرصة ذهبية لا تعوض.
فلنفترض أنه قد أتيحت لك فرصة كسب 250 ألف دولار أمريكي في العام الواحد من إحدى الوظائف، بالتالي عليك أن تكسب خمسة أضعاف ما يكسبه شخص يجني 50 ألف دولار أمريكي في العام الواحد لتحصل على نفس العائد. بالإضافة إلى ذلك ستكون فرصة مضاعفة العوائد السنوية التي تكسبها من عملك أصعب بكثير مما هو عليه الأمر لو كنت تكسب 50 ألف دولار أمريكي فقط.
بالتالي، و مع كثرة الفرص التي قد تخسرها، تتعدد الخيارات التي يمكن أن توفر لك المزيد من الأعمال الجيدة، و لا تتفاجأ إذا وجدت أن الأشخاص الذين توقعت أن يكونوا الأكثر نجاحاً في حياتهم ينتهي بهم المطاف في إحدى الشركات العادية، في حين أن شخصاً آخر أقل ذكاءً بكثير يكون أكثر نجاحاً في عمله الخاص.
المصدر:
هنا
الصورة:
هنا