ماذا تقول التجارب عن مواد الاستحلاب والأمراض المزمنة؟
الغذاء والتغذية >>>> التغذية والأمراض
تشمل الفلورا المعوية مجموعة كبيرة ومتنوعة من الجراثيم الطبيعية التي تعيش في الأمعاء ويبلغ عددها حوالي 100 ترليون جرثومة، ويعرف عنها تأثر طبيعتها وتوضعها في الأمعاء بالالتهابات المعوية والاضطرابات الاستقلابية المختلفة.
يقول الباحث Dr. Andrew T. Gewirtz: "إن اضطراب الفلورا المعوية إلى درجة تحرض على حدوث الالتهابات يعتبر من السمات الأساسية للأوبئة الحديثة". كما يقول زميله Dr. Benoit Chassaing: "إن الزيادة الهائلة في عدد الإصابات بالاضطرابات الاستقلابية والأمراض الناتجة عنها رغم ثبات العوامل الوراثية للإنسان لا يمكن تفسيره إلا من خلال تأثير العوامل المحيطية المختلفة. كما تتأثر الفلورا المعوية بشكل كبير بطبيعة الطعام، لذا كان لا بد من البحث عن المكونات الغذائية الحديثة والتي قد تكون سبباً في تحويل هذه الجراثيم إلى عوامل محرضة للالتهابات".
وقد اقترح الباحثان Chassaing وGewirtz أن المواد الاستحلابية قد تكون مسؤولة جزئياً عن اضطراب الفلورا المعوية وزيادة احتمال ظهور الأمراض المذكورة، وذلك بناءً على الفترة الزمنية لظهور هذه الأمراض والتي ترافقت مع بدء استخدام هذه المواد في صناعة الأغذية.
الدراسة:
قام الباحثان Chassaing وGewirtz بإجراء دراسة نشرت في 25 من شهر شباط المنصرم في مجلة Nature لصالح معهد العلوم الحيوية الطبية التابع لجامعة جيورجيا، وبمشاركة العديد من الجامعات الأخرى، للتأكد من تأثير العوامل الاستحلابية على فئران التجارب.
وفي سياق ذلك، قام فريق العمل بإطعام الفئران نوعين من المواد الاستحلابية المستعملة في الصناعات الغذائية والدوائية، وهما Polysorbate 80 والمسمّى Tween 80، والكربوكسي متيل سلليلوز Carboxymethylcellulose (CMC)، وذلك بجرعات توافق الكميات المستهلكة منهما بشكل طبيعي.
وبينت النتائج أن تناول هذه المواد الاستحلابية أدى إلى تغير في تركيب الفلورا المعوية جعلها أكثر قدرة على التحريض على الالتهابات المختلفة. كما أصبحت الجراثيم أكثر قدرةً على هضم واختراق الطبقة المخاطية المعوية الكثيفة والتي تكون عادةً خالية إلى من الجراثيم إلى حد كبير. وقد أدى هذا التغير إلى تحريض جراثيم الفلورا على إفراز كميات أكبر من بروتين الفلاجيلين Flagellin وبعض الدُسم السكرية Lipopolysaccharide والتي تعتبر من العوامل المحرضة على الالتهاب.
Image: http://www.sciencedaily.com/releases/2015/02/150225132105.htm
صورة تبين بأن جراثيم الفلورا المعوية تتواجد في مناطق أبعد عن الطبقة المخاطية المعوية التي تبطن الأمعاء وأقرب إلى الطبقة الظهارية مما هو معتاد.
ولوحظ أن هذه التغيرات حرّضت على الإصابة بالتهاب الكولون التقرحي عند الفئران التي تعاني من خلل في عمل جهازها المناعي (أي لديها استعداد وراثي للإصابة). بالمقابل، فإن تناول المواد الاستحلابية من قبل الفئران التي تتمتع بجهاز مناعي سليم أدى إلى ظهور التهابات معوية واضطرابات استقلابية خفيفة إلى متوسطة الشدة فقط، وتم التعرف عليها من خلال زيادة الرغبة في تناول الطعام، والبدانة، وارتفاع سكر الدم، وزيادة مقاومة الإنسولين.
وبحسب نتائج الدراسة، فإن استهلاك المواد الاستحلابية لم يرتبط بظهور الاضطرابات المذكورة عند الفئران عديمة الفلورا المعوية. في حين ظهرت التهابات معوية واضطرابات استقلابية خفيفة الشدة لدى الفئران عديمة الفلورا المعوية بعد نقل عينات من الفلورا المعوية للفئران التي تناولت المواد الاستحلابية، وهو أمرٌ مثير للاهتمام ويؤكد على دور هذه الجراثيم في ظهور الآثار الجانبية لهذه المواد.
يقوم فريق العمل حالياً بدراسة أنواع جديدة من المواد الاستحلابية، ووضع خطة العمل المناسبة لتحديد الآلية الدقيقة لتأثيرها على الإنسان. وفي حال كانت نتائج الدراسة الجديدة مماثلة لسابقتها، فإن ذلك دليلٌ قاطعٌ على دور العوامل الاستحلابية في انتشار الالتهابات والأمراض الاستقلابية والمعوية المزمنة. ويشدد Gewirtz على ارتباط الإفراط في تناول الطعام بالسمنة والأمراض الاستقلابية والالتهابات الخفيفة الناتجة عن اضطرابات الفلورا المعوية، وهو أمرٌ معروف وشائع. كما يشير إلى عدم كفاية الإجراءات المتبعة في اختبار واعتماد المضافات الغذائية، والتي من واجبها منع استخدام المواد السببة لهذه الأمراض والالتهابات، خاصة عند الأشخاص المؤهلين للإصابة.
أخيراً، فقد أثارت هذه الدراسة نقطة جديدة ومهمة في مجال العلاقة بين المضافات الغذائية والأمراض المزمنة، وعليه فإن من شأنها أن تدفعنا إلى التفكير ملياً قبل تناول المنتجات الحاوية على هذه المواد، فقد تكون سبباً لأمراض ترافقنا مدى الحياة..
المصدر:
هنا
مصدر الصورة:
هنا