الطرق الجديدة لفرز الخلايا... وتشخيصٌ أدقٌّ للأورام السرطانية
البيولوجيا والتطوّر >>>> التقانات الحيوية
ويعرض المقال التالي أهم تفاصيل هذه الطريقة.
يعتبر تحليل وفرز الخلايا المفردة وفقاً لأنواع البروتين الموجودة على سطحها جزءاً أساسياً من علوم الخلايا الجذعية وأبحاث السرطان، ومن خلال تحليل هذه البروتينات المعروفة بمؤشرات السطح Surface markers، يكون العلماء قادرين من معرفة نوع الخلايا المدروسة بالإضافة إلى مراقبة التغيرات التي تطرأ عليها مع مرور الزمن.
إن غياب أو وجود إحدى هذه المؤشرات عند دراسة خلايا مرضى السرطان قد يمكن العلماء من تشخيص المرض بدقة وبالتالي اختيار العلاج الأكثر فعالية له. ولكن من خلال استخدام الطرق الحالية لفرز الخلايا فإنه من الصعوبة بمكان التعامل مع جميع أنواع الأنسجة وتحليلها بالدقة المطلوبة التي تمكن العلماء من استكمال أبحاثهم ووصف العلاج المناسب لمرض السرطان أو لغيره من الأمراض.
وتكمن المشكلة الأساسية في الطرق التقليدية بأنه لكي نتمكن من عد المجموعات الخلوية في الأنسجة، فإنه يجب جمع هذه الأنسجة وحفظها، ومن ثم فصلها إلى خلايا مفردة أو تقطيعها إلى شرائح ومن ثم فرزها من خلال بعض الأجسام المضادة التي ترتبط مع أنواع الخلايا التي تحتوي على المؤشرات المتممة لها.
كيف يتم فرز الخلايا
قبل عدة عقود، كان الباحثون في ستانفورد من الرواد في تطوير طريقة لفرز الخلايا والتي عرفت بالتدفق الخلوي flow cytometry. حيث يتم في هذه الطريقة فصل الأنسجة إلى خلايا مفردة ثم معاملتها بأجسام مضادة موسومة بمادة الفلوريسن، وتقوم هذه الأجسام المضادة بالإرتباط على أسطح خلايا معينة تحتوي على نوع البروتين المناسب الذي يرتبط معه الجسم المضاد. ومن ثم يجري التحليل بوضع عدد من هذه الخلايا كل مرة بقطرة ماء صغيرة وتمرر أمام أشعة الليزر التي تسبب توهج الفلوريسن على الأجسام المضادة وبالتالي يتمكن الجهاز من عد أنواع الخلايا المختلفة، كما أن هناك بعض الأجهزة التي تقوم بوضع كل نوع في أنبوب منفصل.
ومن الصعوبات التي واجهت هذه الطريقة أنها تستلزم تفتيت الأنسجة إلى خلايا مفردة وهذا صعب جداً مع بعض أنواع النسج التي قد تصبح غير صالحة للدراسة. كما أنه من الضرورة بمكان توفير الجسيمات المضادة لكل أنواع البروتين المراد دراستها في الخلية وقد يكون هذا غير متاحاً لبعض أنواع البروتين.
وقد كان الحل لهذه المشاكل والذي قدمه الباحثون في ستانفورد بأن لا يتم العمل على فرز الخلايا بحد ذاتها ولكن أن يتم تحليل مكونات هذه الخلايا ومحاولة معرفة أنواعها بالاعتماد على نتائج هذا التحليل.
إعادة تشكيل العصير الخلوي
تعتمد الطريقة الجديدة التي اتبعها الباحثون، بعدم التركيز على مؤشرات بروتين السطح الخلوي، بل على الحمض النووي RNA الذي شكّل هذه البروتينات. حيث ابتكر الباحث Aaron Newman خوارزمية لإعادة بناء نوع وعدد الخلايا الأصلية استناداً إلى مكونات RNA لخليط كل الخلايا.
وهذا يشبه بدوره إعادة تشكيل عصير الفواكه، حيث يمكنك معرفة أنه يتألف من أنواع مختلفة من الفواكه، لكنك لاتستطيع التعرف على الكمية المستخدمة من كل نوع. ومع ذلك، يمكنك أن تعرف أن الفراولة تحتوي كمية معينة من السكر والصباغ الأحمر، في حين أن البرتقال يحتوي على كمية مختلفة من السكر والصباغ البرتقالي ولكنه ذات طعم أكثر حموضة. فإذا تم تحليل كل هذه الصفات، يمكننا إعادة تشكيل ومعرفة الكمية المستخدمة من كل نوع من الفاكهة لصنع هذا العصير.
بالإضافة إلى أنه يجنب العلماء المشاكل الناتجة عن تحطم الأنسجة داخل الخلية المفردة، فإن الباحثين الذين يستخدمون هذه الطريقة لن يحتاجوا إلى أجسام مضادة مفلورة لمؤشرات سطح الخلية التي يبحثون عنها.
يتم مؤخراً استخدام أدوية حديثة في علاج مرضى السرطان والتي شكلت تطوراً لافتاً في هذا المجال. حيث تلعب هذه الأدوية دوراُ هاما في تحفيز الاستجابات المناعية لمحاربة الورم. و غالباً ماتستهدف المجموعات النادرة والساكنة من الخلايا المناعية التي تتواجد داخل الأورام. وقد أثبتت هذه الأدوية فعاليتها في علاج العديد من أنواع الأورام ولكن الفعالية اختلفت من مريض لآخر، كما أن بعض أنواع الأورام لم تستجب لهذه العلاجات المناعية الجديدة. وبالتالي من أجل السماح باستخدام هذه العلاجات بشكل موجه وأكثر دقة بطريقة مناسبة لكل شخص. يقوم الباحثيون بتوجيه جهودهم الجبارة نحو معرفة الخلايا المناعية التي تتوسط الاستجابة والتي تقاوم هذه الأدوية.
العلاجات المستهدفة للسرطان
عندما يقوم الباحثون بتطبيق Cibersort على عينات سرطانية قديمة لمرضى تم تشخيص حالاتهم ونوع السرطان الذي أصابهم. فقد يمنحهم فرصة في تحديد أنواع الخلايا السرطانية القاتلة أو الأقل أثراً. وبالتالي يستطيعون تحديد أنواع العلاجات المناسبة لمختلف أنواع الأورام السرطانية. وويعتبر الحصول على هذه المعلومات ذو أهمية كبيرة في علاج الأورام بالأجسام المضادة.
ويقول أحد الباحثين المشاركين في الدراسة: "هناك إشارات من المهم جداً معرفتها عن وجود أنواع معينة من الخلايا المناعية في الورم قبل وبعد بعض العلاجات وكيفية تغير هذه الخلايا مع مرور الوقت".
المصدر
هنا