أنظمة خلوية اصطناعية لفهم لغة التواصل بين الخلايا | برمجة البكتريا للعمل كنظام متعدد الخلايا
البيولوجيا والتطوّر >>>> التقانات الحيوية
يسعى الباحثون حالياً إلى مراقبة و فهم آلية التواصل الخلوي من خلال إنشائهم لأنظمة خلوية اصطناعية مؤلفة من خلايا معدّلة وراثياً، و مراقبة التغييرات الحاصلة في هذه الخلايا التي تقوم بالتأثير على بعضها بأشكال مختلفة. في أيلول عام 2015 نشرت مجلة (Science) بحثاً أجراه فريق من جامعة (Rice) و موضوعه هو دراسة أساليب تغيير النُّظُم البيولوجية من خلال التحكّم بطّرّق تواصل الخلايا البكتيرية و تأثيرها على بعضها البعض.
يقول Matthew Bennett خبير الأحياء الاصطناعية من جامعة Rice: يتواجد ضمن الجهاز الهضمي البشري أنواع متعدّدة من البكتيريا و التي تشكّل تجمّعات كبيرة مؤتلفة. تجلّت فكرتنا في إدخال بكتيريا مُعَدَّلة وراثياً ضمن الأمعاء لتصبحَ جزءاً من هذا التجمع و لتبدأ بالتأثير على بعضها و على البكتيريا المتواجدة أصلا في الأمعاء.
قام Bennett مع فريقه بإنتاج سلالتين من بكتيريا القولون (Escherichia coli) المعدّلة وراثياً، كانت الغاية منهما هي تنظيم إنتاج البروتينات المسؤولة عن نقل الإشارات بين الخلايا، ممّا يسمح لهذه الخلايا بتنسيق أدائها بشكل فعّال. عملت هاتين السلالتين من البكتيريا بشكل متزامن لإنجاز مهامٍ متعاكسة: السلالة الأولى عملت دور محفِّز للتعبير الجيني للمورثات المستهدفة، أمّا السلالة الثانية فعملت دور كابح للتعبير الجيني للمورثات الهدف. تمّت هندسة هذه السلالتين بشكل يسمح بمراقبة و قياس نشاطها عن طريق قياس فلورة الجينات. لاحظ الباحثون أنّه عندما حُضِنَت البكتيريا بشكل معزول لم يُلاحُظ أيّ تذبذب في التعبير الجيني، لكنه عندما حُضِنَت هاتين السلالتين مع بعضهما تشكّلت تذبذبات – قمم وقعور– تعكس نشاط عملية الاستنساخ الجيني في الجماعات البكتيرية الخطوة التالية كانت مراقبة التأثير و التغيير الذي تسببه كل خلية على محيطها، حيث لاحظنا تزايد في مدى تأثير البكتيريا على بعضها بشكل أكبر ممّا لو كانت هذه البكتيريا تعمل بشكل معزول.
يقول Bennett: إنّ الانطلاق الأوّل في البيولوجيا الاصطناعية كان هندسة خلايا منفردة، أمّا الآن فنحن نسعى نحو تشكيل الأنظمة المتعدّدة الخلايا، حيث نريد من هذه الخلايا أن تنسّق أدائها بغاية إثارة ردود فعل في الخلايا المجاورة لها و في الأجهزة و الأجسام الحية ككل. حيث يستطيع الإنسان أن يجرّب هذا المبدأ عملياً من خلال تناوله لأغذية تحتوي على مثائل بيولوجية مُبَرمَجة. فمثلاً، إذا تناول الإنسان حليباً أو لبناً يحتوي على بكتيريا مُعدَّلة وراثياً و بعد ذلك تناول أغذية أخرى بتركيب معيّن، فإنّ تركيب هذه الأغذية يمكن أن يسبب تحويل الأنظمة داخل البكتيريا المعدّلة (إخمادها أو تنشيطها)، و هذا بدوره يؤدّي إلى إحداث تغيرات في الجهاز الهضمي.
الأبحاث في هذا المجال مازالت مستمرّة و يؤمن الباحثون بأنّ هذه التجارب ستساعد على فهم أساليب تأثير الخلية الواحدة على محيطها الخلوي و على كيفية تواصل الخلايا مع بعضها، ممّا سيكشف عوامل جديدة لمواجهة الأمراض.
المصدر: هنا
البحث الأصلي: هنا