النوم وعلاقته بالأمراض القلبية
الطب >>>> مقالات طبية
( كَثرَةُ النَّومِ X قِلَّةُ النَّوم، مَنِ الرَّابِح؟)
إنَّ الأشخاصَ الذين ينامونَ كَثيراً أو قليلاً، أو لا يَحصُلونَ على نوعيَّةٍ جيدة مِن الرَّاحَة، يكُونونَ أكثرَ عُرضَةً للإصابة بتصلُّبِ الشَّرايينِ وترسُّبِ الكالسيوم في جُدرانِ الشَّرايين الرئيسيّة في الجسم، فتَرَسُّبُ الكالسيوم في الشَّرايينِ الإكليليَّة يحدُثُ قَبلَ ظُهورِ أعراضِ السَّكتَةِ القلبيَّة بفترةٍ طويلة، كَما تُنبِّئ الكمِّياتُ الكَبيرةُ مِن ترسُّباتِ الكالسيوم لدى الشَّخص بتطوُّرِ أمراضٍ قلبيةٍ فِي المستقبل، على حدِّ تَعبيرِ الدكتور Chan-Won Kim كبيرُ مؤلِّفي هذه الدِّراسَة.
يُجمعُ الباحِثُونَ على أنَّ القدرَ الأنسبَ مِنَ النَّومِ هُو 7 ساعات، وبأنَّ احتماليَّةَ الإصابةِ بالمشاكِلِ القلبيَّةِ مستقبلاً تزدادُ لدى الأشخاصِ الذين ينامونَ أكثرَ، أو أقلَّ مِن ذلك.
فِي دراساتٍ سابقة ربطَ الباحثونَ بينَ النَّومِ القَليلِ والصِّحَّةِ القلبيَّة السيِّئَة، ولكن ذهبت هذه الدِّراسَة خطوةً أبعد في البحثِ عَن مؤشِّراتٍ للأمراض القلبيَّةِ لدى أشخاصٍ يبدونَ أصحَّاء، ولذلك، سلّط الباحثون الضَّوءَ فِي هذه الدِّراسَة مُباشَرَةً على "النَّوم" كَعَامِلِ خطورةٍ مُحتَمَلٍ للأمراضِ القلبيَّة.
ويقولُ أخصَّائيُّ القَلبِ David Meyerson في هذا الصَّدَد: " أعتَقِدُ بأنَّهُ مِنَ الواجِبِ على كُلِّ طَبيبٍ يَقومُ بتقييمِ حَالةٍ قلبيَّةٍ وِعائِيَّة أن يَسألَ مريضَهُ عَن جُودَة وعددِ ساعاتِ نومِه، وهذا للأسَفِ ما لا يحدثُ غالباً".
وبَينَما كَشَفَت الدِّراسَةُ عَن وُجودِ عَلاقَةٍ بينَ قِلَّة النَّومِ واحتماليَّة الإصابَةِ بالمَشَاكِلِ القلبيَّةِ، إلَّا أنَّها لا تؤكِّدُ بأنَّ هذه العَلاقَةَ سَبَبيَّة.
ضَمَّت هذهِ الدِّراسَةُ أكَثَرَ مِن 47000 شَخصٍ رَاشِدٍ مِن فِئَةِ الشَّبابِ وَمُتَوسِّطِي العُمُر، أَجرَوا فِيها استِبيَاناً عَن عَاداتِ النَّومِ الخَاصَّةِ بِهِم، ثُمَّ خَضَعُوا لِفُحُوصاتٍ مُتَقَدِّمَةٍ لقياسِ صَلابَةِ الشَّرايِين وكَشفِ آفاتِ الشَّرايينِ المُبكِّرَة النَّاتِجَة عَن تَرسُّبِ الكالسيوم.
وكَانَت النَّتائِجُ على الشَّكلِ التَّالي: - الأشخاصُ الذينَ يَنامونَ لخمسِ ساعاتٍ أو أقلَّ يومياً، كانَت نِسبَةُ الكالسيوم فِي شَرَايينِهِم أكثَر بِنَسبة 50% من أولئِكَ الَّذِينَ يَنامُونَ 7 سَاعات.
- الأشخاصُ الذين ينامونَ تِسعَ ساعاتِ أو أكثر في اليومِ تَرتَفِعُ نِسبَةُ الكالسيوم لَديهم لِأكَثَرَ من 70% بِالمُقَارَنَةِ مَع مَن يَنَامُ سَبعَ ساعات! - الأشخاصُ الذين سَجَّلوا جُودَةَ نَومٍ سَيِّئَة يَمتَلِكُونَ على الأقَّلِّ 20% كالسيوم أكَثَر في شرايينهم ممَّن يَحصُلونَ على نَومٍ جيِّد.
وَيَقُولُ أحَدُ الباحِثِينَ المُشَارِكِينَ فِي هَذه الدِّراسَة: "بِما أنَّنا أجرينَا الدِّرَاسَةَ على عَيِّنَةٍ مِنَ الرِّجَالِ والنِّسَاءِ الأصحَّاءِ، فَمِن غَيرِ المُمكِنِ لِلمَشَاكِلِ الصِّحيَّةِ الأُخرَى أن تُفَسِّرَ العَلاقَةَ بَينَ النَّومِ غَيرِ الصِّحيّ والعَلامَاتِ المُبكِّرةِ للمَشاكِلِ القَلبيَّة".
ولكن يَبقَى السُّؤالُ المَطرُوحُ إلى الآن.. كَيفَ يَحمِي النَّومُ المُلائِمُ صِحَّةَ القَلب؟!! أثنَاءَ النَّوم، يَحدُثُ مَزيجٌ مِنَ العَمَلِيَّاتِ المُتَنَاغِمَةِ مِن تَغيُّراتٍ استِقلَابِيَّة وتَحرِير هرموناتٍ وَعَمَلِيَّاتِ إصلاحٍ فِي الجِسمِ، بالإضَافَةِ إلى إِعَادَةِ تَنشِيطٍ للدِّمَاغ، وبِالتَّالِي تُؤثرُ هذِهِ العَمَلِيَّاتُ على ضَغطِ الدَّمِ، سُكَّرِ الدَّم، الالتِهَاب، هُرموناتِ الشِّدة، بالإضَافَةِ للعَدِيدِ مِنَ العَوامِلِ الأُخرَى التي قَد تَزِيدُ مِنَ احتِمَاليَّةِ الإصابَةِ بأمراضٍ قَلبيَّة، على حدِّ قول أخِصَّائِيِّ القَلب.
ويُشبِّه بَعضُ الباحثينَ هذه الوَظِيفَةَ بِعَمَلِيَّةِ إِعادَةِ شَحنٍ تَحتَاجُها أجسَامُنَا لِتَسكُنَ وَتَهدَأ وَتَعُودَ إلى حَالَةِ الرَّاحَة، كَمَا يَرتَبِطُ النَّومُ القَليلُ بِعَوامِلِ الخُطُوَرةِ القَلبيَّةِ مِثلَ: السُّكَّرِي، والبَدَانَة.
وِلِتَخفِيفِ خَطَرِ الإَصَابَةِ بالأمرَاضِ القَلبيَّةِ، يَجِبُ الحُصُولُ عَلى نَومٍ جَيِّدٍ فِي اللَّيل وَلفَتَراتٍ كافِيَة، القِيَامُ بِتَمرينَاتٍ مُنتَظَمة، وِحِميَةٍ صحِّيَةٍ للقَلب، وَكَذَلِكَ لِتَحسِينِ جُودَةِ النَّومِ يُنصَحُ بِتَخفِيفِ الإضَاءَةِ فِي المَنزِل قَبلَ مَوعِدِ النَّومِ بِوَقتٍ كَافٍ، بالإضَافَةِ إلى النَّومِ يَوميَّاً في نَفسِ التًّوقِيت، وَمِنَ المُهِمِّ أيضاً تَجَنُّب التَّعَامُلِ مَعَ جَميعِ الأجهِزَةِ الإلكترونيَّةِ عِندَ اقتِرابِ مَوعِدِ النَّوم، وتجَنُّبِ تناولِ المشروباتِ الحَاويَةِ على الكَافَيين بَعدَ وجبة الغداء.
فالنوم إذاً، جزءٌ أساسيٌّ من نمط حياةٍ صحيٍّ، لقلبٍ سليم..
المصدر : هنا