في الوقت الذي أظهرت فيه العديد من الدراسات الفوائد قصيرة الأمد التي تجنيها الأم المُرضِع من الرضاعةِ الطبيعية، مثل خسارة الوزن هنا وتقليل الكوليسترول، وخفض الضغط وسكر الدم، كان لا بدّ من البحث عن فوائد مستقبليّة وتحديداً فيما يخصّ صحة القلب و الدماغ.

وفي محاولةٍ للوصول إلى نتائجَ دقيقةٍ عن هذا الموضوع، أجرى الباحثون دراسة نُشِرَت في مجلّة American Heart Association تناولت بياناتِ ما يُقارب الـ 300 ألفَ سيّدةٍ صينيّة، تتراوح أعمارهنّ بين الـ 30 والـ 79 عاماً، وكانت البيانات عن نوعِ ومدّةِ إرضاع كلّ واحدة منهنّ لطفلها، وتاريخهنّ الصحي، وبعضِ العواملِ المتعلّقة بنمط الحياة، علماً أن جميعَ السيدات كنّ سليماتٍ ولا يعانينَ من أي أمراضٍ قلبيةٍ وعائيّة في بداية الدراسة، وبعد متابعتهنّ مدةِ 8 سنواتٍ، بدأت تظهر أمراض القلب التّاجيّة عند أكثر من 16 ألفَ سيّدةٍ، كما أُصيبت 24 ألفَ سيدةٍ منهنّ بسكتةٍ دماغيّةٍ.

وبتحليل المعطيات، لاحظ القائمون على الدراسة أنّ احتمال إصابة الأمهات اللاّتي أرضعنَ أطفالهنّ بأمراض القلب قد انخفض بنسبة 9% عند اتّباعِ الرضاعةِ الطبيعية، وقد قابل ذلك انخفاضٌ نسبتُهُ 8% في احتمال إصابتهنّ بالسّكتة الدماغية وذلك مقارنةً بالأمّهات اللّواتي اعتمدنَ على الحليب الصّناعي في تغذية أطفالهنّ.

ووُجِدَ أنّ مدّة الإرضاع الطبيعي قد أدت دوراً في تقليل خطر الإصابة بهذه الأمراض، إذ كان احتمال إصابة الأمهات اللّواتي أرضعنَ أطفالهنّ سنتين أو أكثر أقلّ بنسبةِ 18% و17% لكلٍّ من أمراض القلب والسّكتات الدماغية على التتابع، بالمقارنةِ مع الأمهات اللاتي لم يُرضِعن أطفالَهنّ طبيعياً واعتمدن على الحليب الصناعيّ أيضاً.

ويُذكر أن هذه النتائج كانت ثابتةً حتى بعد أخذ عواملِ الخطورةِ لهذه الأمراض بعين النظر؛ كالتّدخين، وارتفاع ضغط الدم، والسُّكري، ولكن إجراءَ الدراسةِ على نساءٍ صينيّاتٍ فقط يعدّ من المآخذ التي تُسجّل ضد هذه الدراسة، إذ ما زال الأمر يحتاج مزيداً من البحث مع إعادةِ إجراء التجاربِ على مجتمعاتٍ أخرى قبل أن تُعمَّم النتائج على نطاقٍ واسع، وهذا يعني أن الجزم بالدور المباشرِ للإرضاع الطبيعي في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والسّكتة الدماغية ليس ممكناً بعد خاصّةً وأن النظام الغذائي للأم لم يؤخذ بعين النظر في تصميم التجربة هذه.

وإلى ذلك الوقت؛ توصي الأكاديميّة الأمريكيّة لطبّ الأطفال بالإرضاع الطبيعي الحصري أثناء الأشهر الستّةِ الأولى من عمر الطفل، ليبدأ بعدها إدخالُ الأغذية المكمّلة مع الاستمرار بالرّضاعة إلى عمر السّنتين.

المصدر:
هنا

الدراسة المرجعية:
هنا