علم الأرقام بين اليقين والجدل
منوعات علمية >>>> العلم الزائف
موضوعُ علمِ الأرقامِ "Numerology" من ضمنِ الوسائلِ التي يستخدِمُها الخبراءُ في تحليلِ الشَّخصياتِ والذي سنتناوله اليوم، فلا بُدَّ وأنَّك شاهَدتَ علماءَ الأرقامِ الذين يُحلِّلونَ شخصياتِ الأشخاصِ من أسمائِهم و تاريخِ ميلادِهم، أو أنَّك قد جرَّبتَها بنفسِكَ واكتشفتَ أنَّ النَّتيجةَ قريبةٌ إلى حدٍ ما من صِفاتِكَ الشَّخصيَّة. المصادر: 1 - هنا 2 - هنا
لقد بدأَ علمُ الأرقامِ منذُ ما يُقاربُ 500 عامٍ قبلَ الميلاد، وهو مُعتمدٌ من الفيلسوفِ اليونانِّيِ الرِّياضيِّ فيثاغورس، والذي يُعدُّ من الرِّياضيينَ الأوائِلَ في قراءةِ معاني الأعداد.
ما هي الطريقةُ المُستخدمَةُ في علمِ الأرقام؟
إنَّ الأمر بسيطٌ للغايةِ، فكلُّ ما عليكَ فِعلُهُ إدخالُ الأعدادِ الخاصَّةِ بكَ وهي؛ العامُ والشهرُ واليومُ الذي وُلدتَ فيهِ، وبطريقةٍ منطقيةٍ جدًا يُجري المُحلِّلُ عملياتٍ حسابيَّةٍ بسيطةٍ ليخرُجَ منها بصفاتِك الشَّخصيَّة وتَنبُّآتِكَ المُستقبليَّةَ وأرقامِ حظِّك!
ما هي آليَّةُ عملِ هذه الطَّريقة؟
فلنَفترِض أنَّ تاريخَ ميلادِ الشَّخص كالآتي: عامَ 1996 - الشهر 5 - اليوم 4
فيُجري المُحلِّل الحسابَ هكذا:
6+9+9+1+5+4 = 34
وبفصلِ الرَّقم 34 إلى 4+3 = 7
ويُعدُّ رقمُ 7 هو رقمُ اهتزازٍ (أي ذبذباتُ الشَّخص) وبواسطتِهِ سيشرَحُ لكَ المُحلِّلُ صفاتَكَ وشخصيَّتكَ مفصلًا
من أين أتَتَ هذه الصِّفاتُ الخاصَّةُ بالأرقام؟
سيَظهرُ لأيِّ شخصٍ رقمٌ يتراوَحُ من 1 إلى 9 ولكلِّ رقمٍ صفاتٌ خاصَّة، وأساسُ الاعتقادِ أنَّ التَّواريخَ والأزمنةَ لها أهميَّةٌ عدديَّةٌ بسببِ الاهتزازاتِ الأساسيَّةِ للكونِ ككُلِّ تحدث في الدَّوراتِ العاديَّة، وأنَّ الأشياءَ التي أُنشِئت أو غُيِّرَت في نقطةٍ أو أخرى في هذه الدَّورات ستُعبِّرُ عن الخصائِصِ التي تُمثِّلُ الاهتزازاتِ عندَ هذه النُّقطة.
لذلك يَدَّعي المُحلِّلون أنَّ علمَ الأرقامِ هو علمٌ حقيقيٌّ لأنَّه يستندُ إلى أمرينِ حقيقييَّن؛ هما الأرقامُ والاهتزازاتُ إضافةً إلى ممارسةِ الطاقاتِ وربطِها بالاهتزازاتِ للحصولِ على مخططٍ لشخصيةِ الفرد.
كيفَ أجابَ علماءُ الأرقامِ على الأسئلةِ التي يَطرحُها العلمُ والمَنطق؟
صرَّح علماءُ الأرقامِ بأنَّه لا يمكنُ لدراساتِهم أن تُجيبَ على العلمِ مثلَ أيِّ تفاعلٍ ماديٍ بين الاهتزازاتِ الكونيَّةِ والاهتزازاتِ الإجماليَّةِ وأنَّها أشياءٌ ماديَّةٌ لم يتمكَّنِ العلمُ إلى الآن الكشفَ عنها أو اختراعِ أداةٍ للكشفِ عنها، وهناك تجاربٌ أثبتَت أنَّ العلاقاتِ الرِّياضيَّةِ المنتظمةِ بين الأشياءِ المُختلفةِ في الكونِ يُشار إليها كبنيةٍ عدديَّةٍ كامنةٍ وراءَ كلِّ الأشياء.
ولقَد ناصَروا قضيَّتَهُم بحججٍ أُخرى مثل:
1- أنَّ علمَ الأرقامِ هو علمٌ حقيقيٌّ وأنَّه أمرٌ من الذَّات الإلهيَّةِ ويحتوي على أدلةٍ توضِّحُ بنيةَ الكونِ من قِبَلِ الله سُبحانَه وتعالى، وعلى المُستنيرينَ أن يَعملوا على فكِّ هذه الشيفرات.
2- علمُ الأرقامِ علمٌ حقيقيٌّ بسببِ الاتِّفاقِ الرُّوحيِّ الشامِلِ لجميعِ جوانبِ الحياةِ وعلى كافَّةِ المُستويات، وقد اعتَقدوا أنَّ الكونَ نتيجةُ متوسطٍ (أي أنه متوسِّطٌ حسابي) نتيجةَ الحياةِ في كلِّ مكانٍ أنَّ هذا الاتفاق هو البنيةُ الفرعيَّةُ العددِّيةُ في جميعِ أنحاءِ الكون.
3- علمُ الأعدادِ صحيحٌ لأنَّه انعكاسٌ للقانونِ الطَّبيعيِّ، ويُعطي أدلةً على حالةٍ معقَّدةٍ من الاهتزازاتِ التي تُنَظِّمُ الوظيفةَ والوُجودَ في الكون.
وإنَّ فشلَ العلمِ الحديثِ في التَّحقُّقِ من هذه الحقيقةِ هو مجرَّدُ انعكاسٍ للتَّقدُّم غيرِ الكافي في العلوم، ويَعتقِدُ المؤرِّخون أنَّ الأعدادَ الحديثةَ هي تكاملٌ للتَّعاليمِ من بابِل القديمة، وفيثاغورس وأتباعِه (القرنُ السادسُ عشرَ الميلاديّ - اليونان)، والفَلسفةُ الفلكيَّةُ مِن الإسكندريَّةِ الإغريقيَّة، والتَّصوَّفُ المسيحيُّ المبكّر، وتنجيمُ الغُنوصيين الأوائلُ والنِّظامُ العِبريُّ لل Qabala. وإنَّ الفيدا الهندي، و"دائِرةُ الموتى" الصينيَّة، و "كتابُ سيِّدُ البيتِ السِّرِّي" في مِصر هي سجلاتٌ تُعطي دليلًا قويًّا على أنَّ الأعدادَ تعودُ إلى آلافِ السنين.
وقد وثَّقَ التَّاريخُ أنَّ مذاهبَ مدرسةِ فيثاغورس المرتكزةَ إلى الرِّياضيَّاتِ والموسيقى وعلمِ الفلك كان لها تأثيرٌ عميقٌ على الفلسفَةِ على مرِّ العُصورِ - إلى يومِنا هذا.
يَعتقِدُ فيثاغورس أنَّ الرِّياضيَّات قد توجدُ دونَ موسيقى أو علمِ الفلك، فالمبادِئُ الرِّياضيَّة شاملةٌ وضمنيَّةٌ في كلُّ الأشياء، ومِن ثمَّ لا يُمكنُ وجودُ شيءٍ دونَ أرقام.
وبالملاحظَةِ والتَّحقيقِ التَّجريبيين، ادَّعى علماءُ الأرقامِ أنَّه بدراسةِ الأعدادِ يمكنُ للإنسانِ أن يكشِفَ عن جوانب خفية عن نفسه وعن الكون.
وتُشيرُ الدِّراساتُ الحديثةُ إلى أنَّ بعضَ علماءِ النَّفسِ والأطِبّاءِ النَّفسييّنَ كانوا يدرسونَ دراسةَ الأعدادِ وعلمَ التَّنجيمِ لتحديدِ ما إذا كان هناكَ أيّ ارتباطٍ عدديٍّ لمشكلاتٍ نفسيَّةٍ معيَّنة.
وإلى يومِنا هذا، مازالَ من الصَّعبِ إثباتُ صحَّةِ هذه النَّظريَّةِ وإدراجُها تحتَ اسمِ العلومِ النَّفسيَّةِ بسببِ وجودِ ثغراتٍ تتعارَضُ مع مفهومِ العِلمِ الحقيقيِّ، ومثل ما هو معترَفٌ به في المجتمعِ الحديثِ الذي يعتمدُ على الأسلوبِ العلميِّ المُنظَّمِ الذي لا نجِدُهُ في علمِ الأرقام.
وبالنهايةِ فهو علمٌ قائمٌ على التَّنجيمِ عامةً مما يجعلُهُ تحتَ خانةِ العلومِ الزائِفةِ حاليًا إلى أن يُثبت العكس..