سجلٌ جديدٌ في التشابك الكمومي من نصيبِ الصين
الفيزياء والفلك >>>> الحوسبة الـكمومية
نجح باحثون صينيون في تحقيق سبقٍ جديد في مجال الحوسبة الكمومية رفعَ من عدد الجسيمات المتشابكة كموميا. لكن هذه المرة بإستعمال غير مألوف، دمجَ بين الكيوبتّات (Qubits) -وهي الوحدات الأساسية للحوسبة الكمومية على غرار "البتَّات" (Bits) نظيرتها بالنسبة للحوسبة التقليدية- و الفوتوتات على نحو مغاير عن العادة، إذ تمَّ بحشو ثلاثة كيوبتات في كل من الفوتونات الستة المتشابكةِ ، أي بمجموع 18 كيوبتّ. بيد أنَّ الرقم القياسي المُحقق من طرف معهد (IQOQI) تمكن من تشبيك 20 كيوبت، بعد أن كان آخر إنجازٍ سبِقَهُ هو 14 بتّا كموميا. مواضيع مرتبطة إضافية:
يعتمد كل العمل الذي يتم إجراؤه في جهاز الكمبيوتر التقليدي، بما في ذلك أيُّ جهاز تستخدمه الآن لقراءة هذه المقالة، على العمليات الحسابية القائمة على استخدام وحدات البتّ (Bits)، والتي تقوم بالتبديل صعودا و نزولا بين حالتين لا غير (الإزدواجية التي يُطلق عليها في العادة "1" و "0"). لكنَّ أجهزة الكمبيوتر الكمومية أكثر ذكاءا و شمولية بكثير عن التقلدية، إذ تعالج البيانات والمعطيات باستخدام بتّاتٍ كموميَّةٍ (Quantum Bits) أو اختصارًا كيوبتّات (Qubits)، الخاضعة لواحدة من أغرب قواعد فيزياء الكمّ؛ التشابُك الكمومي وهو ارتباطُ جسيمَيْنِ بعضِهما مع بعض؛ كلَّ تغيُّرٍ يطرأُ على أحدِهما سيؤدّي إلى تغيّرٍ شبيهٍ في الجسيم الآخر آنيًّا. فإذا كانَ لدينا فوتونانِ متشابِكانِ كموميًّا، فإنه بتغيير خاصية تدعى اللف الذاتي (Spin) لاحداها تتغير نفس الخاصية لدى الفوتون الاّخر اّنياً.
فعلى عكس البتَّات التقليدية، يمكن أن تتضمن الكيوبتات على حالة 1 مع 0 في نفس الوقت بالإضافة إلى حالتيّ 1 أو 0 دون الاّخر. ما يعني تشعبا لا محدود من المصفوفات ذات إمكانيات خارقة تعجز عنه جميع نظم الحواسيب التقليدية.
ليس هذا و فقط، بل و قيامُ نظم الحواسيب الكمومية على المبدأ الكمّومي الغريب؛ التشابك، أهلَّها لأداء الأعمال المنوطة بها بسرعة وكفاءة عالية. تماما كما جاء على لسان سيدني شريبلر.
الجديد هذه المرة هو أن الكيوبتات دُمجت مع بعضها ضمن فوتونات محشوةٍ بداخلها. بعد أن كانت الإنجازات السابقة تشبكها فرديا، أي أن تشفير المعلومات أستغنى عن فكرة ترميز الكيوبت في الحالةِ الإلكترونيةِ لأيونِ ذرةٍ مُحاصَرٍ - كما في التجربة السابقة مع 20 كيوبت - لينتقل إلى تشفيرها إلى ما دون ذلك بإستعمال فوتون مرمزٍّ بثلاث كيوبتات كاملة. ما يفتح الباب على مصراعيه لثورة غير معقولة قد تمهد الطريق لمزيد من الحوسبة الخارقة، على الرغم من أن هذه التكنولوجيا لا تزال بمراحلها المبكرة.
صحيحٌ أن سجِلَّ 20 كيوبت مرمزِّ ضمن 20 ذرة كالسيوم (الرقم القياسي السابق) أعلى من ترميز 3 كيوبات في 6 فوتونات ( أيّ بمعدل 18 كيوبتّ في المجموع)، إلا أن المُميزَ بهذا الأخير حسب تصريحات الفيزيائية المختصة بالكمّ من جامعة كاليفورنيا-بيركلي، دكتور- سيدني شريبلر (Sydney Schreppler) : " إذا أردت بلوغ 18 كيوبت في الماضي فكنت ستحتاج إلى 18 جزيء متشابك كمومياً وهي عملية بطيئة ". فالباحثون الصينيون استطاعوا ترميز 3 كيوبات في فوتون واحد بينما في التجربة السابقة كان يرمز كيوبت واحد في ذرة كالسيوم واحدة.
إن الحوسبة الكمومية لا تزال مراحلها التجريبيةِ الأولى رغم كلِّ شيء في الوقت الحالي. إذ لا يزال الباحثون يختبرون ما باستطاعتها القيامُ به. إذ قالت عالِمة الكمّ؛ سيدني شريبلر بهذا الصدد؛ الحقيقة تُقال أن الباحثين بجامعة العلوم والتكنولوجيا الصينية (USTC) لا يزال مشروعُهم هذا قيد التطوير، لأن جُلّ مجهوداتهم اصطدمت بأسئلة مفتوحة. تماما كتلك المتعلقة بتفاعل الجسيمات ببعضها البعض، إن كانت ستتم بالتساوي، أم ستختلف مع اختلاف درجات الحرية.
على قارعة هذه الطريق المتشعبة بالتكنولوجيا، تبقى سُبل انتقال المعلومات و البيانات هي العائِق الأساسي الذي يعترض نظم الحوسبة الكمومية لعدم تمكن العلماء من رصد الجسيمات المتشابكة. والتي أساسا يزدادُ معدل تحلَّلُ تفاعلاتُ [qubit-qubit] مع المسافة. السبب الجوهري الذي حالَ دون وصولِ عملياتِ التطويرِ إلى أكثرَ من 20 كيوبت فردي أو 18 ثلاثي مع أخر الأرقام القياسية المُسجلة.
يبدو إن الصراع التكنولوجي المتأجج بين الغربِ و الصين رمى بثقله على الساحة و أصبح أكثر نديَّة عن ذي قبل، فلا نكاد نجد أيَّ ابتكار جديد دون أن نرى طيغان التنين الصيني على قائمة المساهمين. لكن فيما يخص الحوسبة الكمومية، يجب الإشارة هنا إلى أنه لا شيء ملموس، جميعها تبقى أبحاث مجردة من التجسيد الفعلي. على الأقلِّ علنياً، فنحن لا ندري ما تخبئه لنا الأبحاث السرية.
للمزيد عن التشابك الكموميّ:
هنا
للمزيد عن التجربة السابقة:
هنا
تحطيمُ الرَّقَمِ القِياسيِّ لعددِ الجُسيماتِ المُتشابكةِ كموميًّا:
هنا
المصادر:
1 - هنا
2 - هنا