آليات الدفاع النفسي
علم النفس >>>> القاعدة المعرفية
وقد عرّف سيغموند فرويد وابنته أنّا فرويد لاحقًا ما سمّياه "آليات الدفاع النفسية" التي تُستخدَم لحماية الأنا (الذات) ولتخفيف الشعور بالقلق والتوتر، وغالبًا ما نوظف هذه الآليات باطنيًّا، ولذلك؛ قد يكون من المفيد لنا أن نتعرفها.
لنتعرف معًا في هذا المقال آليات الدفاع النفسية وبعض الأمثلة الواقعية عنها.
الآلية الدفاعية النفسية الأولى هي الكبت، ويُقصَد به هنا محاولة حجب الأفكار والرغبات والمشاعر غير المقبولة ومنع النفس من إدراكها؛ إذ تحمي النفس ذاتَها من التوتر الناتج عن الأفكار غير المقبولة عن طريق كبتها. علمًا أنه قد يتنوّع معنى كلمة "غير مقبولة"، والمقصود بها هنا هو ما يجرح أو يُسيء للشخص أو يعود به إلى ذكريات مؤلمة.
ولا يعني هذا أنّ الكبت يعود بالنفع علينا لمجرّد تفادينا القلق، فنحن عن طريق الكبت نحتفظ بالمشاعر المؤلمة دون مواجهتها، ومن ثم يصبح تأثيرها فينا ظاهرًا في النواحي الأخرى من حياتنا دون إدراكنا لمصدرها أو سببها.
وعلى سبيل المثال، يمكن للطفل الذي تعرّض للعنف والإساءة من أحد والديه أن يكبت هذه الذكرى، لكنّه سيعاني في كبره مشكلات في تكوين العلاقات مع الآخرين دون إدراكه للسبب.
إحدى آليات الدفاع الأخرى هي النكران، وخلافًا عن الكبت فإنّ النكران هو عدم الاعتراف بوقوع حادثة على الإطلاق ورفض الاعتراف بالوقائع.
ويلجأ عديد منّا إلى هذه الآلية الدفاعية، فعلى سبيل المثال؛ نصرف النظر عن التعليقات أو الملاحظات السلبية من رب العمل ونتحجج أنها خاطئة، أو ننكر أنّ التدخين يسبب الأمراض الصحية.
أما الإزاحة فهي آلية دفاعية تتمحور حول الفكرة الآتية: قد تراودنا مشاعر غير مقبولة تجاه شخصٍ ما، ولكن يصعب علينا التعبير عنها لأنها غير ملائمة.
وعلى سبيل المثال؛ قد يشعر شخص بالغيظ والاستياء من رب العمل، ولكنّ التعبير عن هذه المشاعر قد يؤدي إلى عواقب غير مرغوبة، فيزيح الشخص غضبه أو يعيد توجيهه نحو شخص آخر أو هدف أكثر أمانًا؛ إذ يمكن أن يصبّ غضبه على شريكه أو شريكته.
وعلى الرغم من أنّ هذه الآلية تساعدنا على تجنب العواقب غير المرغوبة؛ فهي تتسبب بضرر ثانوي في علاقات أخرى.
كذلك نملك آلية دفاعية هي التبرير، وتنص هذه الآلية على محاولتنا إيجاد تبرير منطقي لأمور من الصعب تقبّلها كما هي؛ إذ تكون منبعًا للقلق إن لم نبررها منطقيًّا. فعلى سبيل المثال يبرر الطالب عدم نجاحه عن طريق إلقاء اللوم على المُدرّس، لأن بديل ذلك هو إقرار التلميذ باحتمال أن يكون طالبًا كسولًا.
وأحد الأمثلة الأخرى هو رغبتنا في فعل شيء ما بهدف المتعة دون رغبتنا في الإقرار بذلك، فنجد تبريرًا منطقيًّا لفعلنا.
أما الإسقاط النفسي فهو آلية دفاعية تنصّ على إسقاطنا صفات في نفسنا على الآخرين، علمًا أن هذه الصفات لا تعجبنا أو تكون غير مقبولة في نظرنا، ومن ثم نكره الآخرين لتمتّعهم بهذه الصفات عوضًا عن كره أنفسنا.
فغالبًا ما يقلق اللص من التعرض للسرقة ويرفض الوثوق بالآخرين. كذلك يمكن أن تكره أحدًا ولكن يمنعك الـ "أنا الأعلى" من ذلك، فتُسقِط هذه المشاعر عليه وتقنع نفسَك أنه هو الذي يكرهك.
وتكشف هذه الآلية أكثرَ ما يزعجنا في أنفسنا عن طريق تعاملنا مع الآخرين.
قد عرضنا لكم بعض الآليات الدفاعية التي يوظّفها اللاوعي للتخلص من القلق، فهل لاحظتَ أنك تستخدمها أنت أو بعض الأشخاص من حولك؟
ولما كانت هذه الآليات باطنية؛ فمن المجدي لنا أن نعيها ونعرف سببها عند ظهورها.
ومن المهم معرفة أنّ ما وراء آلية الدفاع هو الشعور بالقلق، وعلى الرغم من أنّ الآلية الدفاعية تخففه؛ لكنها لا تخوض فيه بالضرورة أو تحاول معالجة أسبابه، لذلك؛ يجب علينا أن نستخدم معرفتنا بالآليات الدفاعية في الاستدلال على النزاع الذي يسبب القلق ومحاولة معالجته.
المصادر:
1- Larsen, R. (2017). Personality psychology domains of knowledge about human nature (Second ed.). London: Mcgraw-Hill. p. 219-223
2- هنا
3- هنا
4- هنا
5- هنا