ما تأثير فيروس كورونا في الاقتصاد؟
الاقتصاد والعلوم الإدارية >>>> اقتصاد
شهد اليوان الصيني انخفاضًا كبيرًا مقابل الدولار الأمريكي بسبب المخاوف المتزايدة في الأسواق المالية من تدهور التوقعات الاقتصادية للصين على المدى القريب بسبب تأثير وباء فيروس كورونا (2)، وسببت المخاوف وضعف المعنويات انخفاضَ الطلب المتوقع من الصين على النفط والمواد الخام مسبّبًا انخفاضًا في أسعار النفط (1).
وقد أُغلِقت المصانع والمتاجر والمكاتب في معظم المقاطعات الصينية خاصًة في أكثر المناطق تأثرًا بفيروس كورونا؛ مثل مقاطعة هوبي، وسبّب ذلك تعطلًا في الإنتاج الصناعي خلال الربع الأول من عام 2020؛ مما أدى إلى حدوث صدمة كبيرة لسلسلة الإيرادات الصناعية الآسيوية؛ إذ تراجعت الطلبات على السلع والمواد الخام من الصين (2).
إن شدة تأثُّر الاقتصاد الصيني بفيروس كورونا تتوقف على قدرة الحكومة الصينية على احتواء هذا الفيروس وتطبيق السياسات المناسبة للتخفيف من حدة هذا التأثير، وتشير الاعتقادات إلى أنه من الممكن أن يكون هذا التأثير مؤقتًا ولا سيما إذا استطاعت الصين تعويضَ الخسائر في النصف الثاني من العام عن طريق رفع معدل النمو، ومن ثم سيكون التأثير الكلي في النتاج الإجمالي المحلي السنوي محدودًا ويُقدّر بـ1-2 بالمئة فقط (1).
وحاولت الحكومة الصينية مؤخرًا التخفيفَ من أثر الصدمة الاقتصادية للفيروس عن طريق استخدام السياسة النقدية؛ إذ إنّ بنك الشعب الصيني PBOC ضخَّ 1.2 ترليون يوان صيني في السوق بواسطة اتفاقيات إعادة الشراء العكسية "الريبو"، وهي عبارة عن شراء الأوراق المالية بالاتفاق على إعادة بيعها بسعر أعلى في المستقبل (2). ولكن؛ في حال بقاء معنويات المستهلكين منخفضة وازدياد الخوف من انتقال المرض إلى مناطق أخرى وعدم التأكد من شدة تفشي المرض، فمن الممكن أن تكون النتائج غير مرضية مع ارتفاع التأثيرات السلبية (1).
في عام 2003، عانت الصين تفشيَ فيروس السارس وكان له آثارٌ سلبية في الاقتصاد الصيني، ولكن؛ لم ينتج عنه نتائج سلبية في الطاقة الإنتاجية، واستطاعت الصين تحقيق الانتعاش الاقتصادي بعد فترة وجيزة (1).
وفي حال عدم قدرة الصين على احتواء الفيروس، فمن الممكن أن يؤثر الفيروس في الاقتصاد العالمي، وذلك يعود إلى عدة أسباب؛ أوّلها أنّ الصين تملك حصة كبيرة جدًّا في الاقتصاد العالمي؛ إذ إنها تمثّل أكثر من 20 بالمئة من الناتج الإجمالي المحلي العالمي، إضافة إلى أنها تمثّل أكثر تشابك في الاقتصاد العالمي من قبل؛ إذ إنّ حركة النقل الجوي الدولي في الصين تبلغ قرابة 55 مليونًا (1).
فضلًا عن ذلك، يمثل السياح الصينيون جزءًا كبيرًا من السياحة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ومن ثم سيؤدي حظر السفر المفروض على الزوار الصينيين وإلغاء العديد من الرحلات الدولية المتجهة للصين إلى الانهيار التام للسياحة الخارجية الصينية على المدى القريب وتأثر اقتصادات الدول التي تعتمد على السياحة الصينية على نحو سلبي (2).
كذلك تُعدّ الصين جزءًا رئيسيًّا من سلاسل القيمة العالمية، وفي حال عُطِّلت فيمكن أن يكون لها تأثيرٌ كبير في الشركات الدولية (1). علمًا أن العديد من الشركات الأجنبية المتعددة الجنسية -مثل Apple وStarbucks- شهدت انخفاضًا كبيرًا في إيراداتها نتيجة الإغلاق المؤقت في الصين بسبب الوباء (2).
أمّا السبب الأخير فهو أنّ الصين اليوم أكثر عرضة للخطر بسبب ارتفاع ديونها عن السابق نتيجةَ النمو الاقتصادي المتباطئ والتوترات التجارية مع شريكها التجاري الرئيسي "الولايات المتحدة"، خاصةً أنّ آخر الاتفاقيات بينهما تنص على زيادة واردات الصين من السلع الأمريكية بنسبة 2 مليار دولار خلال العامين القادمين، وهناك شكوك في استخدام الصين الوباء عذرًا للتهرب من الاتفاق (1).
وغالبًا ما سيكون التأثير أكثر ضررًا في القطاعات التي تزودها مدينة ووهان الصينية بالمعدات البحرية والمواد الكيميائية. ولكن؛ مع النمو الاقتصادي العالمي المتباطئ، يشكل الفيروس خطرًا كبيرًا على الاقتصاد ومن الممكن أن يسبب حدوث ركود عالمي، ولذلك؛ يجب على البنوك المركزية في الأسواق المتقدمة إجراء مزيدٍ من الأعمال فيما يخص التحفيز (1).
وأخيرًا؛ هل سيترك وباء فيروس كورونا بصمةً دائمة في الاقتصاد الصيني والاقتصاد العالمي في حال الانتشار؟
يحدث الضرر الاقتصادي الدائم عند حدوث صدمة في جانب العرض في الاقتصاد؛ مما يعني تأثُّر أحد عوامل العرض (رأس المال والعمالة والتكنولوجيا). وكمثال سابق عن تأثر العمالة؛ عندما تعرّضت الولايات المتحدة لوباء الإنفلونزا الإسبانية، سبب ذلك انخفاضًا في عدد السكان العاملين بمقدار نصف مليون في سنة واحدة.
ويمكن أن يحدث الضرر الدائم إذا انخفضت مستويات رأس المال لكل عامل أو تدمّر رأس المال. وفي حال إفلاس القطاعات غير المالية المثقلة بالديون في الصين نتيجة الحجر الصحي، فسيتأثر العرض على نحو كبير لأن هذه الشركات تعتمد على نمو اقتصادي مرتفع للوفاء بالالتزامات.
قد تساعد الحكومة الشركات عن طريق السماح للبنك المركزي بضخ سيولة في الأسواق؛ لكنّ ذلك قد يسبب تضخمًا أعلى وفقدان اليوان الصيني قيمته. وفي حال تأثرت حركة رأس المال البشري -إضافة إلى انخفاض معنويات المستثمرين الأجانب وانخفاض التبادل على فترة طويلة- فيؤثر ذلك سلبًا في التكنولوجيا ونمو الإنتاجية (1).
المصادر:
1- هنا
2- هنا