انقراض الحشرات - كارثةُ انقراضٍ جديد
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> علم البيئة
تابعوا مقالنا اليوم للتعرُّف إليها.
تتالت تحذيرات العلماء منذ سنوات أنَّ كوكب الأرض يواجهُ موجةَ انقراضٍ جماعيٍّ سادسٍ (2)؛ فقد بيَّنت دراسةٌ حديثة نُشِرت في مجلَّة (Biological Conservation) تناقُصاً سريعاً لأعداد أكثر من 40% من أنواع الحشرات (1,3)؛ ثلثُها مهدَّدٌ بالانقراض. ووُجِد أنّ معدّل انقراضها أسرع ثماني مرات من معدَّل انقراض الثدييات والطيور والزواحف. وسجَّلت البيانات المتوفرة تراجُعَ الكتلة الحية للحشرات بشدّة بنسبة 25% في العام؛ ممّا يُنذرُ بإمكانية اختفائها في خلال قرن (2).
ويُشير الباحثون إلى التداعياتِ الخطيرة لانقراض الحشرات؛ إذ تُشكِّل الحشراتُ قاعدةَ العديد من النظم البيئية في العالم (2,3)، فعندما تُفقَد؛ سوف نفقد كلَّ الأنواع التي تتغذى عليها، ثم نفقد الأنواع الأخرى التي تتغذى على هذه الأنواع وهكذا في سلسلةٍ غذائيّةٍ مُتعاقبة. إضافةً إلى ضرورة وجودها لحدوث عمليات التلقيح للنباتات، وإعادة تدوير العناصر المُغذّية؛ الأمر الذي قد يجعل من اختفائها مُهدِّداً بحدوث انهيارٍ للأنظمة البيئية الطبيعية (2).
وتعدَّدت أسبابُ هذا الانخفاض السريع في أعداد الحشرات ورُتِّبَت حسب الأهمية كالآتي:
1- فقدان موائل الحشرات واستخدامها للزراعة المكثّفة أو للسكن.
2- التلوث (وخاصةً نتيجة استخدام المبيدات الحشريّة والأسمدة الصناعيّة إضافة إلى انبعاثات المصانع والمدن) (1,2).
3- العوامل الحيويّة (كمسبِّبات الأمراض والأنواع الغازية؛ مثلاً: يُسهم انتشار حشرة الفاروا varroa في انخفاض أعدادِ نحل العسل) (1,2,3).
4- التغيُّر المناخي (فقد تعاني الحشرات انخفاضات فعلية في أعدادها في المناطق المدارية نتيجة ظاهرة الاحتباس الحراري) (1,2).
يُشكِّل فقدان الموائل الناتج عن الزراعة المكثَّفة السببَ الرئيس لهذا الانقراض؛ إذ إن 40% من الأراضي على الكوكب تستخدَم لأغراضٍ زراعية (3).
يلفتُ الباحثون في هذا السياق إلى أن المزارع العضوية كانت مأهولة بالحشرات بدرجة أكبر سابقاً، واستخدام المبيدات المعتدل لم يكن مدمِّراً كما هو الحال اليوم، مؤكّدين دورَ الزراعة المكثَّفة والصناعة في قتل الحشرات. فقد وضَّحوا أن التراجع العددي قد بدأ في أوائل القرن العشرين وتَصاعدَ في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، ووصل مرحلةَ الخط الأحمر في العقود القليلة الماضية. ويشار إلى أنَّ Neonicotinoids وfipronil (هما فئتان من المبيدات الحشرية الزراعية التي تُشبه النيكوتين وهي التي أُدخلَت حديثاً) كانتا مدمِّرتين تحديداً نظراً إلى دورهما في تعقيم التربة والقضاء على يرقات الحشرات، على الرغم من نكران أكبر الشركات المصنِّعة لهذه المبيدات لذلك (2).
لذا قد تسيرُ كلُّ الحشرات في طريق الانقراض في غضون بضعة عقود ما لم نغيِّر طرائق إنتاج غذائنا لإيقاف فقدانها، وإذا استمرّ الاستنزاف الحالي في 10 سنوات تالية؛ سنفقد ربع أعداد الحشرات، وسنفقد النصف في 50 عاماً، وستنفذ بالكامل في 100 عام؛ مما يسبِّب عواقبَ وخيمة على كل من النظم البيئيّة وعلى استمرار حياة الإنسان (2).
فبينما نشعر بالحزن على الدببة القطبيّة الهزيلة؛ تموتُ الحشرات، وبينما نتجادل عن التغيُّر المناخيّ وإلحاق الأذى بالمنتَجات العضويَة؛ تتأثّر الطيور والزواحف والأسماك التي تتغذى على الحشرات. فهل يكون إهمال الإنسان لأصغر كائنات الأرض سبباً لفنائِه؟!
المصادر:
1. Sánchez-Bayo F, Wyckhuys K. Worldwide decline of the entomofauna: A review of its drivers. Biological Conservation. 2019;232:8-27. Available from: هنا
2. Insects could be gone in a century; catastrophic collapse to ensue [Internet]. TreeHugger. 2020 [cited 19 March 2020]. Available from: هنا
3. Page M. Huge global extinction risk for insects could be worse than we thought [Internet]. New Scientist. 2020 [cited 19 March 2020]. Available from: هنا