ما هو الانجذاب للذكاء أو Sapiosexuality؟
التوعية الجنسية >>>> الحياة والحقوق الجنسية والجندرية
بات واضحًا أنَّ صفة الذكاء هي واحدةٌ من الصفات المرغوبة في الشريك واقترحت الأسباب التطورية. ربما نميل للأذكياء لأنهم أكثر لياقة؛ فهم يمتلكون قدراتٍ عقليةٍ نافعة تدعم البقاء، وسوف يمنحونها لأبنائهم (1,2). وربما لأنَّ الذكاء مؤشرٌ على «الجينات الجيدة». فقد وُجِد ارتباطٌ بين الذكاء من جهة، والصحة الجسدية والتناظر الجسدي والجاذبية الشكلية وصحة النطاف وطول العمر من الجهة الثانية (2). لكنَّ الانجذاب للذكاء قد يتعدى هذه المنفعة ليكون انجذابًا جنسيًا محضًا (2). ومن المثير للاهتمام أن الميل للأفراد الأكثر ذكاءً ليس القاعدة! إذ يبحث البعض عن شركاءٍ ذوي مستوى ذكاءٍ معتدلٍ أو حتى مقبول (2). وبعيدًا عن الميل العام لتفضيل الأذكياء أو غير الأذكياء، يظهر الانجذاب للذكاء «Sapiosexuality»: وهو الانجذاب الجنسي للشخص الذي يُبدي مستوً عالٍ من الذكاء، وعَدّ الذكاء السمة اللازمة والأهم على الإطلاق عند اختيار الشريك الجنسي (2).
اشتُق هذا المصطلح الحديث نسبيًا من اللاتينية من «sapien» وتعني «حكيم»، و«sexualis» التي تعني «جنسي»، وشاع استخدامه في السنوات الأخيرة.
يتخطى الانجذاب للذكاء الاختلافات في الميول الجنسية والهوية الجندرية وغيرها. فالمنجذب للذكاء «Sapiosexual» قد يكون غيري الميول الجنسية، أو مثلي الميول الجنسية، أو عابراً جندريًا، أو ينتمي إلى أيٍ من ألوان الطيف باختصار.
يمكن أن يُعرِفَ كلٌّ منا نفسهُ بأنه منجذبٌ للذكاء. ويُعرّف عددٌ أكبر من الناس أنفسهم مؤخرًا بأنهم منجذبون للذكاء. ليس واضحًا ما إذا كانوا يعنون هذه الدرجة من الانجذاب أو يقصدون الميل العام لتقدير هذه السمة في الشريك. أو أنهم يريدون أن يبحروا بعيدًا عن الميول التقليدية (مثلي أو غيري أو ..) فقط. خاصةً وأنَّ هذه النزعة آخذةٌ في الانتشار بين اليافعين في الفضاء الافتراضي (3).
فهل الانجذاب للذكاء ميلٌ حقيقي؟ أو أنه فيتيشية؟ أو الاثنين معًا؟
ما زالت الدراسات التي تتناول الموضوع غير وافرة، لكن المنجذبين للذكاء يبلّغون عن شعورهم بالإثارة الجنسية لمجرد أن يحاورهم موضوع اهتمامهم بذكاء! بعضهم لا يشعر بالانجذاب الجنسي إلا في مثل هذه المواقف ولا ينخرط بالجنس إلا بعد تأسيس الارتباط العقلي مع الشريك. يوجد جدلٌ عن الأمر بين من يرى في هذه الظاهرة ميلًا جنسيًا متفردًا وحقيقيًا وبين من ناقش بأنها فيتيشية أخرى، البعض يرى فيها شيئًا من هذين العنصرين. وفي المجتمع العلمي، لا يُدرج الانجذاب للذكاء بين الميول الجنسية.
إذاً فالمعيار الذهبي هو أن نُصغي جيدًا للآخرين، فعندما يقول شخصٌ ما أنه منجذبٌ للذكاء لابد أن نتمعن أكثر في ما يعنيه، فربما قصد بذلك الميل العام لتفضيل سمة الذكاء في الشريك، وربما وصل الأمر إلى تخطي كلِّ الخطوط الاجتماعية والشكلية والجنسية عند اختيار الشريك وتوجيه الاهتمام للدماغ وحسب.
يبحث المنجذبون للذكاء عادةً عن أفرادٍ يشاركونهم النقاشات العميقة، يشاطرونهم معارفهم ويوّسعون مداركهم ويروون ظمأ فضولهم. قد تُنفرهم الأخطاء القواعدية والإملائية، وقد يقررون الانفصال عن الشريك لأنه لا يداعب عقولهم.
ورغم تقديرنا جميعًا للدماغ الذي يُتقن عدة لغاتٍ أو يسحرنا بمعرفته الواسعة أو فطتنه، فإنَّ الانجذاب للذكاء لا يسلم من الانتقادات، إذ ينظر البعض إلى هذه النزعة على أنها مسيئة للأفراد محدودي الذكاء، أو الذين يعانون مشكلاتٍ تحدُّ من قدراتهم الفكرية، الوجه الآخر للانتقاد مرتبطٌ بالنظرة التقليدية للذكاء التي تحصره بالتحصيل الدراسي أو القدرات الحسابية أو اللغوية وما شابه، ودُعي إلى توسيع مفهومنا ليشمل الأنواع المختلفة من الذكاء.
على الرغم من كلِّ ذلك، فإنه لا يمكن أن يُلام أي إنسانٍ على تفضيلاته أو خياراته، ثم إنَّ الميل لتفضيل الذكاء عاملٌ محوري في تطورنا، وعلينا أن نتوقع أنه سيبقى كذلك في المستقبل (3).
المصادر:
2. Greengross G, Miller G. Humor ability reveals intelligence, predicts mating success, and is higher in males. Intelligence. 2011;39(4):188-192.Available from: هنا
3. Cover R. Competing contestations of the norm: emerging sexualities and digital identities. Continuum. 2019;33(5):602-613.Available from: هنا