الاستخدامات الاجتماعية والثقافية للطعام
الغذاء والتغذية >>>> عادات وممارسات غذائية
الطعام والقوة:
كان الطعام ولا يزال يمثل صورة محتومة وواضحة للقوة؛ إذ ليست هناك علامة على انعدام القوة أكثر وضوحًا من الجوع؛ لأن الشخص الجائع عاجز عن تلبية أهم احتياجاته الأساسية، في حين إن من يتحكم بطعام الأشخاص الآخرين سيتمتع بسلطة عليهم. يؤدي الطعام دورًا مهمًا في سياسات الدول، وقد يشكل الجوع المزمن وسوء التغذية جزءًا من استراتيجية محسوبة تمارسها النخب السياسية للحفاظ على سلطتها من خلال إبقاء الفقراء في حال من العوز، ومن جهة أخرى قد يسبب الجوع الشديد احتجاجًا شعبيًا يضعف إضعافًّا خطيرًّا استقرار الحكومة. يظهر الطعام أيضًا في الصراع بين طبقات المجتمع، حتى إنه لوحظ أن مكانة المرء في النظام الاجتماعي تتجلى من خلال "ماذا، وكم، ومع من يأكل"، وتعكس ندرة الغذاء في المجتمعات الطبقية الفروقات الاجتماعية وتؤدي إلى تفاقمها؛ إذ تذهب إغاثات المجاعة في أوقات الأزمات الاقتصادية إلى الجماعات التي تتمتع بالسلطة أولًا، ويصبح الأثرياء أكثر ثراءً من خلال شراء الأراضي والممتلكات الأخرى من الفقراء الذين يتخلون عنها في أثناء صراعهم في سبيل تأمين مأكلهم (1,2).
الطعام والعائلة:
توفر الوجبات العائلية المتكررة فرصًا للتواصل ومشاركة القيم بين الآباء والأبناء، وتحمي المراهقين من السلوكيات الغذائية غير الصحية، نتيجة اتباعهم أنظمة أفضل كتناول المزيد من الخضار وتقليل الوجبات السريعة. فضلاً عن كونها تعزز رفاهيتهم العاطفية، وقدرتهم على التحدث إلى ذويهم حول مخاوفهم. وقد تمثل الوجبات المنتظمة روتينًا وطقسًا عائليًا يرتبط بصحة ورفاهية أفضل لأفراد الأسرة جميعهم، في حين أنه قد تعكس الوجبات العائلية غير المنتظمة ضغطًا متزايدًا على الوالدين، نتيجة اضطرارهم مقايضتها مع جداول أعمالهم المزدحمة (3).
إن الصورة المثالية للعائلات في بعض الثقافات تتمثل بمجموعة من الناس المجتمعين حول موقد مشترك؛ إذ يُعد ذلك تأكيدًا على صلة الدم في (أمازون البيرو - Peruvian Amazon)، خصوصا لدى (هنود شاراناوا - Sharanahua Indians)، يُشكّل تقديم الطعام أساسًا لارتباط الوالدين بأطفالهم (1).
الطعام والدين:
قد توضح بعض الممارسات الغذائية لدى الأديان المختلفة كثيرًّا عنها وتشكل انعكاسًا لمثل دينية أوسع؛ إذ تساعد أحيانًا خيارات الأغذية على إيصال الهويات الدينية للآخرين، وبدوره يؤثر الدين على خيارات المستهلكين إما مباشرًّة من خلال تعليمات صريحة بالامتناع عن تناول مأكولات معينة دائمًّا، أو خلال فترات محددة من السنة، أو غير مباشرًّة من خلال المعتقدات الراسخة داخل المجموعة الدينية الكبرى. ولا تزال التحليلات التي تربط بين تأثير المعتقدات على سلوك المستهلك ونتائجها في الأسواق الغذائية الخاصة بها قليلة ومبعثرة. كما في (اثيوبيا - Ethiopia). إن طقوس الصيام بين (الأسر الأرثوذكسية - Orthodox households) لها تأثير على قرارات الاستهلاك؛ إذ وُجد أن انخفاض استهلاك الحليب وخفض الطلب على الألبان امتد إلى الطوائف الدينية الأخرى المحيطة (4,5).
الطعام والجنس:
يعد الطعام والجنس احتياجات غريزية متشابهة، تتشابك في الثقافات جميعها من جهة إسهامها في استمرار الحياة ونموها، فضلًا عن كونهما ينطويان على علاقة حميمة ويؤديان إلى اندماج اجتماعي، وقد يشكلان خطرًا في حال ممارستهما مع الشخص الخاطئ أو في الظروف الخاطئة، لذلك يحدد كلا من استهلاك الطعام وممارسة النشاط الجنسي بعديد من القواعد والمحظورات التي تنظمهما. وقد يرمز الطعام إلى الجنس لدى بعض الثقافات مثل (هنود مهيناكو - Mehinaku Indians)، الذين يستخدمون فعل "الأكل إلى أقصى حد" دلالة على ممارسة الجنس، أو يؤدي إليه في ثقافات أخرى، خاصة تلك التي تعاني ندرة الطعام، فقد يشكل الطعام الذي يقدم بهيئة هدايا طريقًا مهمًا للعلاقات الجنسية (1).
المصادر: