تقييم المخاطر الميكروبي الكمي QMRA في الأغذية
الغذاء والتغذية >>>> رحلة الغذاء
(تقييم المخاطر الميكروبي الكمي - Quantitative microbiological risk assessment QMRA) هو واحد من الطرائق المعترف بها دوليًّا في سلامة الأغذية لتقييم المخاطر الصحية على الحيوان والإنسان وتوفير وسائل فعالة للمراقبة في نهج وقائي (2). ويعرّف بأنه عملية قائمة على أسس علمية تهدف إلى تقدير المخاطر مع الأخذ في الحسبان احتمالية وشدة الآثار الصحية الناجمة عن خطر تناول مسببات الأمراض التي تنقلها الأغذية من أجل دعم عمليات صنع القرار، ويتألف هذا التقييم من أربع خطوات (3):
هنا نستعرض شرح موجز لكل خطوة:
1. (تحديد المخاطر - Hazard Identification): وهي مرحلة وصفية، تهدف إلى تحديد الميكروبات المرتبطة بالمنتج الغذائي والأمراض التي تسببها ووصفها، بما في ذلك الأعراض والخطورة، كما تحدد الفئات الحساسة الأكثر عرضة للإصابة (1,2).
2. (تحليل الجرعة والاستجابة - Dose-Response Analysis): تُوصف هذه الخطوة رياضيًّا بعلاقة " جرعة - استجابة " أي العلاقة بين الجرعة (عدد الميكروبات) المتناولة والاستجابة (الآثار الصحية المترتبة على ذلك) كنتائج التعرض لهذه المخاطر وكمية التعرض المطلوبة لحدوث الأثر(1,2).
3. (تقييم التعرض - Exposure Assessment): تبيّن هذه المرحلة المسارات المختلفة على طول سلسلة الإنتاج الغذائي (النقل والتوزيع والاستهلاك) التي تسمح للعامل الممرض (الميكروب أو المخاطر) بالوصول إلى المستهلك والتسبب في حدوث العدوى (عن طريق الهواء أو الماء .. إلخ) من الإنتاج الأولي حتى الاستهلاك، وتحدد هذه المرحلة فترة التعرض عن طريق كل مسار، وتقدّر فئات الأشخاص المتأثرين (1,2).
4. (توصيف المخاطر وتحديد خصائصها - Risk Characterization): تُدمج وتُربط نتائج الخطوات 2 و3 في نموذج رياضي واحد لحساب الخطر كاحتمال حدوث العدوى أو المرض أو الوفاة. التحليل الرياضي في هذه المرحلة يُعرَف (بتحليل مونت كارلو - Monte Carlo Analysis)، والنتيجة النهائية هي مجموعة كاملة من المخاطر البيولوجية أو الكيميائية أو الفيزيائية القابلة للتطبيق، التي تتضمن سيناريوهات تتراوح من متوسطة إلى الأسوأ (1,2).
تبنى هذا النهج كل من منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية على أنه جزء من تحليل المخاطر الميكروبية؛ إذ استخدم (تقييم المخاطر الميكروبي الكمي - QMRA) لأول مرة لتقييم سلامة المياه ثم توسع ليشمل المواد الغذائية المتنوعة (4) .
أثبت QMRA في العقود السابقة فائدته في تقييم تدابير الرقابة المختلفة وتوجيه مديري المخاطر لحماية الصحة العامة. يبدأ QMRA بتصميم سؤال الخطر من أجل تحديد الحالة عن طريق تحديد المخاطر الميكروبية، (المصفوفة الملوثة - contaminated matrix)، والمستهلكين المعنيين والتعرض لها (5)، ثم يجب تصميم النموذج الرياضي المستخدم للتقييم وملئه بالبيانات والمعلومات المتعلقة بتأثيرات المراحل التصنيعية المختلفة على الغذاء واستجابة العامل الممرض لهذه المراحل، من جهة نمو أو تثبيط العامل الممرض (5).
يتيح استخدام النماذج الرياضية للـ QMRA للخبراء تقدير الخطر الذي قد يتعرض لها المستهلكين، وتقييم استراتيجيات التخفيف المحتملة لهذه الأخطار، وتحسين إدارة أفضل لهذه الأخطار المرتبطة بأحداث التلوث (5). ويتطلب تقدير تأثير التلوث الميكروبي المعرفة الكاملة بسلسلة الإنتاج الغذائي من المزرعة إلى المائدة؛ إذ إنه قد يحدث التلوث في مراحل مختلفة من هذه السلسلة (5-7). وتقدر QMRA انتشار ومستويات تلوث المنتج بناءً على نتائج بيانات من خطوة تصنيع سابقة مع مراعاة تأثير المرحلة التصنيعية على الغذاء (5).
تشكل الأمراض المنقولة بالغذاء الناتجة عن استهلاك اللحوم نسبة كبيرة من الأمراض جميعها التي تنتقل عن طريق الأغذية المبلغ عنها في العالم (6)؛ إذ ركزت آخر الدراسات المرجعية المنهجية لـQMRA على منتجات اللحوم الحمراء والدواجن (5-7)؛ على سبيل المثال أظهرت دراسة مرجعية لـQMRA على لحوم الأبقار أنّ أجناس E.Coli وSalmonella spp، كانا عاملًّا ممرضًّا رئيسًّأ في هذا النوع من اللحوم (5). في حين أن لحوم الدواجن كان العامل الممرض الرئيس الذي ركزت عليه دراسات QMRA كلًّا من أجناس Campylobacter spp. والـ.Salmonella spp (7).
ختامًّا؛ يمكننا القول: إن إدارة سلامة الأغذية كانت تعتمد في السابق على المراقبة المستمرة للإنتاج وعواقب ما بعد حدوث التلوث الميكروبي في الغذاء، وقد ساعد الانتقال إلى نظام إدارة الأغذية القائم على المخاطر QMRA في تحديد المراحل الحرجة في التصنيع التي قد تؤدي إلى حدوث خطر التلوث؛ إذ ساعدت QMRA على تحديد التدخلات وترتيب أولويات التدخل للتخفيف من خطر التلوث على كامل سلسلة الإنتاج الغذائي من المزرعة إلى المائدة. إضافة إلى إنه إذا كان من الصعب إزالة الخطر الميكروبي؛ فيجب بذل الجهود في مراحل سلسلة الإنتاج كافة، مع إعطاء أولوية أعلى للتدخلات في التصنيع (6,5)، أو في توجيه وتثقيف المستهلك (7) .
إعداد: Ammar Hdaifeh
المصادر: