كيف تؤثر نوعية غذائك في شدة ألم عرق النسا؟
الغذاء والتغذية >>>> التغذية والأمراض
يشير مصطلح عرق النسا إلى الألم أو الخدر الذي ينتشر على مسار العصب الوركي الذي يتفرع من أسفل الظهر مرورًا بالفخذين وصولًا إلى أسفل الساقين، وينتج هذا الألم عن انضغاط جذور العصب التي تنشأ من الأعصاب الشوكية أو تخرشه. ويمكنكم قراءة المزيد عنه في المقال الآتي:
هنا
أظهرت عديد من الدراسات أن هناك ارتباط بين عرق النسا وزيادة الوزن (1)، ويعزى ذلك إلى الالتهابات منخفضة الدرجة لدى المصابين بالسمنة (1)، فضلًا عن فرط شحميات الدم بصرف النظر عن مؤشر كتلة الجسم وغيره من العوامل الأخرى (2).
فضلًا عن أنه تبين أنه ترتبط جودة النظام الغذائي بالإصابة بعرق النسا وأمراض الجهاز العصبي، إذ استهلك الأفراد الذين يعانون آلام العمود الفقري كميات أقل بكثير من البروتين والفواكه والحبوب الكاملة ومنتجات الألبان، في حين استهلكوا مزيدًا من الصوديوم والدهون المشبعة والسكريات المضافة مقارنةً بالأشخاص الأصحاء (3).
وكان نوع السكر المستهلك مرتبطًا بألم العمود الفقري المزمن، إذ ارتبط تناول السكر الطبيعي وبصرف النظر عن الشكل -عصير فاكهة أو طازج أو مجمد أو فاكهة مجففة-، بانخفاض احتمالية الإصابة بألم العمود الفقري المزمن بنسبة تتراوح بين 25% و30%، وعلى النقيض، ارتبطت السكريات المضافة بزيادة احتمالات الإصابة بألم العمود الفقري المزمن (حوالي 46%) (3).
ولا ننسى أن جودة النظام الغذائي والسكريات المضافة من أهم العوامل المؤثرة في تكوين ميكروبات الأمعاء، التي قد يؤدي تغييرها إلى تغييرات في النواقل العصبية المشتقة من الأمعاء مما يؤثر في مستويات النواقل العصبية في الدماغ، وهذا بدوره يؤثر في تطور الألم المزمن (3).
قد يكون الارتباط بين آلام العمود الفقري المزمنة وانخفاض جودة النظام الغذائي راجعًا إلى تغييرات غير تكيفية في كيفية تناول الأشخاص للطعام بعد تشخيص إصابتهم بالألم المزمن، إذ تشير الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين يعانون آلامًا مزمنة يعانون عاداتٍ غذائية أسوأ بسبب التأثيرات السلبية في قدرتهم على التسوق وإعداد الأطعمة، بسبب انخفاض الأداء البدني، والآثار الجانبية لأدوية الألم، وانخفاض الشهية (3).
أظهرت عديد من الدراسات الدور المحتمل الذي قد تؤديه مكملات المغذيات الكبرى والصغرى في تحسين صحة الأعصاب الطرفية وتجددها، وسنذكر فيما يأتي بعضًا منها (4).:
1- الأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة (PUFAs):
قُدم أدلة على أن الإمداد الغذائي للأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة (PUFAs) لدى البشر والثدييات له تأثيرات وقائية للأعصاب تُخفف الضرر العصبي بعد إصابة عصبية رضحية أو كيميائية (4).
2- المعادن:
المغنيزيوم والسيلينيوم والزنك والكالسيوم والحديد لهم دور في تكوين (غمد الميالين - myelination) –وهو طبقة تحيط بالعصب لحمايته وتحسين أداء وظيفته- في أثناء كل من النمو (الميالين - remyelination) وإعادة تكوينه بعد إصابة الأعصاب (4).
3- الفيتامينات: سواء كانت الذوابة في الدهون أو الماء.
- فيتامين D: أُكد التأثير الإيجابي لفيتامين D3 في التعافي الوظيفي من قطع العصب الوجهي في حيوانات التجربة (4).
- فيتامين E: جرى التحقيق أيضًا في تأثير فيتامين E في تجديد الأعصاب الطرفية بعد إصلاح إصابة العصب الوركي لدى فئران التجربة (4).
- فيتامين C: بناءً على النتائج الأخيرة، فعال في تحسين تجديد الأعصاب الطرفية (4).
- مجموعة فيتامينات B: وخاصة B2 وB12 وB1 (4).
تجدر الإشارة إلى أن عرق النسا والأمراض العصبية ترتبط خصوصًا بعوز فيتامين B1 (التيامين)، إذ إن عوزه يعد مرضًا يهدد الحياة، ويؤدي إلى اضطرابات وآفات مختلفة في الأعصاب والدماغ (5) ويعدُّ (البنفوتامين - benfotiamine) -وهو أحد مشتقات التيامين الذوابة في الدهون- عاملًا علاجيًّا واعدًا في تحسين الوظيفة الإدراكية والحماية من الالتهابات وموت الخلايا الناجم عن الإجهاد التأكسدي في الجهاز العصبي المركزي (5).
وقد ثبت أن البنفوتيامين يحمي في النماذج الحيوانية للتنكس العصبي، وأنه آمن وفعال في تحسين التدهور المعرفي لدى المرضى المصابين بمرض الزهايمر الخفيف (5).
تشمل الأطعمة الغنية بالتيامين اللحوم، كلحم البقر والأسماك، والحبوب الكاملة وجنين القمح والبيض والبقول والمكسرات ومنتجات الألبان ومعظم الفواكه.
وفي الختام، فعلى الرغم من أن الدراسات التي توضح ارتباط جودة النظام الغذائي المنخفضة مع ألم العمود الفقري المزمن، فإنها ما زالت غير كافية، وأنه لا يمكن للتدخلات الغذائية أن تحل محل العلاجات التقليدية، إلا أنه لا يزال من المناسب نصح المرضى الذين يعانون آلام العمود الفقري المزمن اتباع نظام غذائي صحي مع تناول كميات مناسبة من المغذيات الدقيقة والكبيرة، مع تحديد مصادر السكر المضاف والحد منها في وجباتهم الغذائية واستبدال السكريات المضافة بأخرى طبيعية.
إذ أن التدخل الغذائي المناسب يستحق أن ينظر إليه على أنه استراتيجية تكميلية محتملة في علاج إصابات الأعصاب في المستقبل.
المصادر: