أجهزة الاستشعار الزراعية لإطعام العالم
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> زراعة
يحدد التسلسل الجيني الخصائص الوراثية للنبات، والتي يتم بعد ذلك مقارنتها مع نمط نمو النبات في الحقل في تربة محددة وظروف مناخية محددة وهذا ما يسمى بتحديد النمط الظاهري Phenotyping الذي هو انعكاس لتعبير المورثات تحت هذه الظروف.
تفضي هذه العملية من الناحية المثالية إلى انتخاب نباتات تعطي محاصيل جيدة حتى بعد فترات الصقيع أو الجفاف. وهذه في المقام الأول مهمة العاملين في مجال تحسين المحاصيل "مربي النبات" والباحثين الزراعيين. لكن التركيز على الدعم الفني هذه الأيام يتزايد؛ فأي دعم نقصد؟
الإدارة الفاعلة للمحاصيل:
يعتمد الباحثون بشكل متزايد على أجهزة الاستشعار في عملية تحديد النمط الظاهري. وقد أسس العلماء في جامعة بون / ألمانيا مختبراً تجريبياً في الهواء الطلق. يخرج الباحثون إلى الحقل أول مرة قبل أن تبدأ النباتات بالنمو، وذلك لـِـعمل نموذج رقمي عالي الوضوح لسطح الحقل. بمجرد أن تبدأ النباتات بالنمو، يتم أخذ قياسات النبات مرةً كل أسبوعين، حيث تسجل أطوالها بدقة سنتيمتر واحد. وتستخدم الصور ثلاثية الأبعاد لتمثيل نمو النباتات. يقدّر الباحثون الكتلة الحيوية للنبات عن طريق معرفة ارتفاعها ويأخذون قراءات يدوية عشوائية للتحقق من النتائج. وبعدها يتمكنون من تقدير النمو في قطاعات الحقل المختلفة.
تباين خواص التربة:
إن معدل نمو النبات في قطاع معين ما هو إلا أحد التفاصيل الهامة التي يحتاجها الباحثون لتحديد السلالات الناجحة، لكن قد تكون خصائص التربة في حقل واحد متباينة تماماً، وهذا يمكن أن يؤثر على مستويات الرطوبة والمواد المغذية المتاحة للنبات.
توجد مشكلة نموذجية تتمثل بكون الحقول ليست موحدة الخصائص، وغالباً ما تؤدي هذه الحقيقة البسيطة إلى اختيار خاطئ للسلالة الأفضل فقد تكون هذه الأفضلية نتيجة لخواص التربة المختلفة وليس لكونها أفضل وراثياً. إذن فالمزارع يحتاج إلى مزيد من المعلومات حول موقع الزراعة. هنا يأتي دور مستشعرات أشعة غاما لفحص التربة؛ حيث تتعرف هذه المستشعرات على النشاط الإشعاعي الطبيعي المنبعث من نظائر العناصر كالبوتاسيوم 40. يمكـّـن ذلك الباحثين من معرفة الكثير عن توزيع العناصر ويضاف إلى ذلك النتائج الآتية من التحليل التقليدي للتربة الذي يتضمن نسبة الرمال والغضار والطين فيها.
لماذا نهتم بهذه الدقائق؟ .... لأن التغييرات الصغيرة تؤثر في بعض الزراعات كالكروم المخصصة لإنتاج النبيذ في نمو الكروم وطعم النبيذ الناتج فبعض أشجار العنب لا تنمو إلا في ترب خاصة جداً.
فيمَ تستخدم التقنيات أيضاً؟
إن الكائنات المتطفلة المسببة لأمراض النبات هي أهم ما يؤرق المزارعين من ديدان خيطية (نيماتودا) وغيرها، وبدلاً من أخذ عينات تقليدية وفحصها يستخدم الباحثون هنا جهاز استشعار طيفي يقيس موجات الضوء. تنعكس معظم أشعة الشمس عن النبات مباشرةً، لكن جزءاً من الضوء يدخل الورقة، ينتقل عن طريق الجهاز الضوئي ومن ثم ينعكس. تتغير الإشارة المنعكسة عن النبات اعتماداً على مدى الإجهاد الذي يتعرض له النبات. فإذا كان الشوندر السكري مثلاً يعاني من الإصابة الطفيلية، فإنه يعكس الضوء بشكل مختلف عن النبات السليم. تعطي هذه الطريقة الباحثين القدرة على كشف الإصابة في وقت مبكر، دون الإضرار بالنبات.
هل لكم أن تتخيلوا فيمَ يمكن أن يستخدم ذلك؟ .... نعم في إيجاد الأفراد الأكثر مقاومة لطفيلي معين وتربيته للحصول على صنفٍ مقاوم، أو في اتخاذ القرار الملائم لمكافحة المرض في الوقت الملائم قبل تفشي المرض.
تجدر الإشارة إلى أن انعكاس الضوء يقدم العديد من المعلومات الأخرى المتنوعة، الأمر الذي يحتاج إلى استخدام أكثر من مستشعر في نفس الوقت للحصول على المعلومات المطلوبة كاملة.
القضاء على الخطأ البشري:
يستخدم الباحثون في جامعة جنوب "ويستفاليا" الألمانية عربة استشعار تحمل اثنين من الأجهزة تمكنهم بمساعدة برامج خاصة مع البيانات التقليدية القادمة من المحصول (الغلة، نسبة الرطوبة .. الخ) من رسم صورة مفصلة عن الحقل تتضمن معلومات عن أفضل المعاملات الزراعية (أفضل الأنواع وأفضل الأسمدة والترب). يتم تجميع ذلك كله في قاعدة بيانات واحدة يتم إعدادها سريعاً وبكفاءة عالية.
تبرز أهمية سرعة العملية الناجمة عن استخدام التكنولوجيا من حقيقة أنه كلما كانت معرفة الأخطاء أبكر، كان تلافيها أسهل. والمهم أن الأجهزة ستقلل كثيراً من الأخطاء البشرية كما ستكون جاهزة للعمل طوال اليوم بسلاسة، بدون مشاكل وستقدم على الدوام نتائج موضوعية حسب زعم مطوريها.
إذاً فعجلة التطور تطال جميع العلوم حتى الزراعية منها والوقت الذي سيحتاج فيه المزارع لإتقان مهارات استخدام التقنيات المختلفة في حقله للحصول على إنتاج سليم ذو غلة وفيرة لن يكون بالبعيد، خصوصاً وأن ما ذكرناه ليس إلا غيضاً من فيض.
مصدر المقال والصورة:
هنا