ترحال السمكة المهرج
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> عجائب الأحياء
على الرغم من توقع حدوث عمليات تشتت للأنواع التي تسافر بعيداً عن موطنها، بسبب المسافات الطويلة التي تقطعها أسماك الشعاب المرجانية، فهذه هي المرة الأولى التي لوحظ فيها تبادل للنسل بين أفراد الأنواع التي تعيش في مناطق بعيدة عن بعضها.
قامت مجموعة من علماء الأحياء البحرية، بالتعاون مع جامعة السلطان قابوس في عـُـمان، بدراسة تشتت وتوزع يرقات الأسماك الملونة الزاهية العـُمانية.
وَجدت الدراسة أن 6% من عينات الأسماك المدروسة هي أسماك مهاجرة قطعت أكثر من 400 كم بعيداً عن موطنها الأصلي، خلال رحلة ملحمية تحدث فقط في مرحلة اليرقات وهي الأسماك الصغيرة بعمر أسبوع واحد فقط. وعندما لا يزيد طولها عن السنتيمتر الواحد، لذلك ولتسافر مئات الكيلومترات، لا بدّ من ركوبها تيارات المحيط لمساعدتها في الهجرة.
يـُـعتبر الساحل الجنوبي لسلطنة عمان معزولاً نسبياً عن بقية سواحل شبه الجزيرة العربية، ويوجد فيه الكثير من الأنواع التي لا تـُـشاهد في أي مكان آخر في العالم. يضم هذا الساحل اثنين فقط من أنظمة الشعاب المرجانية، يفصل بينهما 400 كم من الأمواج. يتعين على أسماك المهرج العـُـمانية أن تهاجر من حين لآخر بين هذين النظامين من الشِعاب ليستمر نوعها.
استخدم فريق البحث بصمة الحمض النووي لتحديد الأسماك المحلية والأسماك المهاجرة التي قطعت مسافات طويلة، وأيضاً الأسماك الهجينة منهما في كل أصناف السمك المهرج العماني (الاسم العلمي: Amphiprion Omanensis). تم التقاط نحو 400 سمكة بواسطة الشباك دون إصابتها بأذى خلال 92 عملية غطس، ثم أخذت قطعة أو قصاصة صغيرة جداً من الزعانف من أجل تحليل الحمض النووي قبل إعادة إطلاق الأسماك إلى مستعمراتها.
من خلال فحص البصمة أو التوقيع الوراثي لكل الأسماك تمكن العلماء من تحديد مكان نشأتها تماماً، فالأمر أشبه بالعثور على رجلٍ يتحدث بلكنة بريطانية وسط نيويورك ... فهو سيظهر بسهولة.
حددت دلائل الحمض النووي أن غالبية الأسماك المهاجرة قد سافرت من الشمال إلى الجنوب. كما وُجد أن نمط الهجرة هذا يتفق مع تيارات المحيطات المهيمنة في المنطقة والتي تنتج عن الرياح الموسمية في فصل الشتاء.
تم تحديد الأسماك الهجينة في الجيل الثاني أيضاً في كل تجمعات الأسماك، وتبين أن الأسماك المهاجرة انضمت بعد تشتتها بعيداً عن موطنها وتكاثرت مع الأسماك المحلية لتلك المنطقة.
تعتبر هذه الدراسة أقصى ما قام به العلماء في تعقب تشتت أسماك الشعاب المرجانية، وهي تبرهن على وجود صلة قرابة كبيرة بين الأنواع التي تعيش في مناطق بعيدة عن بعضها في البيئة البحرية.
تبرز أهمية التنبؤ بمدى قدرة يرقات الأسماك على الانتشار، في دور هذه الأسماك بالمساعدة على إدارة النظم البيئية للشعاب المرجانية. أما فهم صلة القرابة بين الأسماك، فهو يعني إمكانية حماية الأنواع الأكثر حساسية في المنطقة المدروسة، وتنظيم الصيد من المجتمعات الحيوية البحرية ذات الشبكات المتماسكة المنتظمة والمتسقة، وتصميم المناطق في المحميات البحرية.
مصدر المقال:
هنا
مصدر الصورة:
هنا