الكحول والبدانة والقهوة.. ما علاقتها بسرطان الكبد؟
الطب >>>> السرطان
يأتي سرطان الكبد في المرتبة الثانية للوفيات بسبب السرطان حول العالم، وتزداد نسبة الإصابة بشكل مستمر وفقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية. يصيب هذا السرطان الرجال أكثر من النساء، وبسبب التأخر في التشخيص فإن سير المرض غالباً ما يكون سيئاً، ونسبة من يبقون خمس سنوات على قيد الحياة بعد التشخيص لا تتجاوز 12%. يرتفع معدل الإصابة بسرطان الكبد في الدول النامية، وذلك بسبب انتشار التهاب الكبد. ومن العوامل الأساسية الأخرى لزيادة خطر الإصابة بسرطان الكبد: الداء السكري من النمط الثاني، تشمع الكبد، التدخين، موانع الحمل الفموية الحاوية على تراكيز مرتفعة من الأستروجين والبروجسترون والأفلاتوكسينات، وغيرها..
(لمزيد من التفاصيل عن سرطان الكبد يمكن قراءة مقالنا: هنا)
تزيد البدانة وشرب الكحول من خطر الإصابة بسرطان الكبد، بينما يرتبط استهلاك القهوة بانخفاض خطر الإصابة وذلك وفق أحد أحدث التقارير التي نشرت في الخامس من شهر آذار الماضي والذي سُمّي "التغذية والنشاط الفيزيائي والكبد Diet، Nutrition، Physical Activity and Liver".
اعتمد هذا التقرير على دراسة تحليلية لحوالي 34 دراسة سابقة نشرت في هذا المجال شملت أكثر من 8 ملايين شخص (من ضمنهم أكثر من 24600 مصاباً بسرطان الكبد)، وربطت بين تأثير نمط الحياة المتبع وخطر الإصابة بسرطان الكبد، وتم تقييم النتائج ودراستها من قبل مجموعة كبيرة من الاختصاصيين. يقول الدكتور Stephen Hursting أنَّها المرة الأولى التي يُشار فيها بشكل واضح إلى العلاقة بين البدانة وزيادة خطر الإصابة بسرطان الكبد وبين استهلاك القهوة وانخفاض خطر الإصابة بسرطان الكبد.
تقول الدراسة أنه من المحتمل أن يقلل تناول القهوة من خطر سرطان الكبد. وعلى الرغم من أنّ الآلية الدقيقة لذلك لم تُعرف حتى الآن، إلا أن بعض الباحثين يؤكدون أن بعض مكونات القهوة قد تملك القدرة على إزالة السموم من الجسم وبعضها يملك فعالية مضادة للأكسدة تقي من تخرب الحمض النووي منزوع الأوكسجين "DNA" والتموت الخلوي والالتهاب.
أما عن علاقة الكحول بسرطان الكبد (والتي تعتبر قديمة ومعروفة) فقد أكدّت الدراسة هذه العلاقة، واستطاعت تحديد كمية الكحول التي تعتبر خطرة وتسبب الإصابة بسرطان الكبد. يؤكد الدكتور Hursting "أصبحنا اليوم نعرف وبدقة أن استهلاك أكثر من ثلاثة أكواب من الكحول يومياً يحفز الجسم على بدء التفاعل الورمي ويزيد من خطر الإصابة بالسرطان، إذ يؤدي الكحول إلى زيادة خطر الإصابة بتليف الكبد وهو أحد أهم عوامل الخطر المتعلقة بسرطان الكبد".
كذلك يرتبط استهلاك الكحول بالإصابة بالعديد من أمراض الكبد الأخرى، والعديد من السرطانات، ولتفاصيل أكثر حول أضرار الكحول على أعضاء الجسم الرئيسية يمكن العودة إلى مقالنا السابق: هنا
تحدّث التقرير أيضاً عن علاقة البدانة بسرطان الكبد التي أصبحت الآن قوية بشدّة، حيث بينت نتائج الدراسة أن ارتفاع مؤشر كتلة الجسم BMI يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد. لذلك يؤكد الدكتور Hursting على ضرورة توعية الأشخاص إلى خطر البدانة، كما لا بد من إجراء دراسات إضافية لإيجاد طرق لتخفيض الوزن وتفسير الآلية الدقيقة التي تربط بين البدانة وخطر الإصابة بسرطان الكبد لمحاولة معاكسة هذا الارتباط.
بشكل عام يمكن تفسير ذلك بأن الدهون المتراكمة في الجسم تؤثر على عدة هرمونات (كعوامل النمو والاستروجين)، مما يحرض على الالتهاب ويولِّد بيئة محفزة لنمو الخلايا السرطانية. كذلك فإن الدهون المتراكمة في الجسم تزيد من خطر الإصابة بداء السكري من النمط الثاني وهو أحد أسباب الإصابة بسرطان الكبد. وأخيراً فإن الدهون المتراكمة في الجسم تزيد من خطر الإصابة بالكبد الدهنية Fatty Liver الذي يمكن أن يتطور إلى تليف الكبد ويتحول في النهاية إلى سرطان كبد.
كما لابد من التنويه إلى أن زيادة خطر الإصابة بالعديد من أنواع السرطان الأخرى يرتبط بالبدانة ومنها سرطان المبيض وسرطان الكولون وسرطان الثدي وسرطان البروستات وسرطان بطانة الرحم وسرطان المريء والكلية والبنكرياس والمرارة.
يختم الباحثون تقريرهم هذا بالقول "يوجد أدلة واضحة تربط بين التمارين الرياضية وتناول السمك وانخفاض خطر الإصابة بسرطان الكبد، إلا أنه لا بد من إجراء دراسات معمّقة للتأكد من ذلك". ويؤكد الباحثون إن الآلية المقترحة لهذا التأثير تعود للحموض الدسمة أوميغا 3 الموجودة في السمك والتي تثبط إنتاج الإيكوزانوئيدات eicosanoid المحرضة على الأورام. كما أن التمارين الرياضية تزيد من حساسية الجسم للأنسولين وتخفض من تراكم الدهون في الجسم مما يقلل من خطر سرطان الكبد، كما أنها تقلل من الالتهابات المزمنة والأكسدة الناتجة عن الشدة النفسية.
إن نمط الحياة المتّبع يؤثر بشكل كبير على خطر الإصابة بسرطان الكبد لذا فإن تغييراً ولو بسيطاً في الحمية الغذائية المتبعة أو تجنب الإفراط في تناول الكحول وممارسة الرياضة من شأنه أن يخفض خطر الإصابة.
المصادر:
هنا
هنا
مصادر الصورة:
هنا
هنا