بين الدعاية والحقيقة العلمية, هل حقاً الحمية الخالية من الغلوتين مفيدة؟
الغذاء والتغذية >>>> منوعات غذائية
يعتبر الغلوتين أحد أنواع البروتينات الموجودة في القمح والشعير، ويمكن تشبيهه بالصمغ الذي يربط المكونات مع بعضها البعض. حيث تساعد هذه البروتينات على إعطاء الشكل النهائي للعديد من الأغذية مثل حبوب الفطور والخبز والمعكرونة، كذلك يدخل الغلوتين في تركيب بعض المنتجات التجميلية مثل مطريات الشفاه ويدخل أحياناً في تركيب الغراء المستعمل في الطوابع والظروف البريدية. يؤدي تناول الغلوتين عند بعض الأشخاص إلى ظهور بعض الاضطرابات الصحية مثل الداء الزلاقي ( لمعرفة المزيد هنا ). وتعتبر الحمية الغذائية الخالية من الغلوتين العلاج الوحيد الفعال للوقاية من الاضطرابات المرافقة للداء الزلاقي، ويمكنك الاطلاع على الحمية المناسبة لمرضى الداء الزلاقي ( هنا ).
كان من الصعب في الماضي اتباع حمية غذائية خالية من الغلوتين نظراً لاحتواء العديد من الأغذية الأساسية على هذا البروتين، إلا أن المتاجر الحديثة تحوي على العديد من البدائل الغذائية الخالية من الغلوتين والتي تتميز بمجملها بارتفاع أسعارها. يعتبر توافر هذه المنتجات أمراً ضرورياً للأشخاص الذين يعانون من عدم تحمل الغلوتين، إلا أن هذا النمط من الحمية قد تحول إلى نوع من العادات الغذائية، إذ يقدر عدد الأشخاص في أميركا الذين يتبعون هذه الحمية دون تشخيص الداء الزلاقي لديهم بحوالي 1.6 مليون (أي حوالي 30% من السكان) وهي نسبة مرتفعة كثيراً بالمقارنة مع عدد الأشخاص المصابين بالداء الزلاقي.
- وإن كان السؤال المطروح "هل بالفعل تعتبر الحمية الخالية من الغلوتين مفيدة صحياً؟"
- فإنّ الجواب هــو: "لا يعتبر الغلوتين ضاراً بالصحة إلا في حال الإصابة بالداء الزلاقي"
إذاً هل تم خداعنا بفوائد الحمية الخالية من الغلوتين؟
يؤكد الباحثون في هذا المجال بأن العديد من الأشخاص قد تم خداعهم من خلال المعلومات التي تم الترويج لها عبر وسائل الإعلام المختلفة والتي ساهم بانتشارها العديد من المشاهير.
في الحقيقة، يستند أغلب الأشخاص الذين يتبعون هذه الحمية إلى عدد قليل جداً من الدراسات العلمية التي أثبتت بأن الغلوتين ضار بالصحة في حال الأشخاص السليمين غير المصابين بالداء الزلاقي وإليكم المزيد من التفاصيل:
مثلاً في سنة 2011 قام الباحث Peter Gibson وزملائه من جامعة Monash الأسترالية بإجراء دراسة بين فيها أن استهلاك الغلوتين من قبل بعض الأشخاص الذين يعانون من اضطراب عدم تحمل الغلوتين غير المرتبط بالداء الزلاقي قد يؤدي إلى ظهور أعراض الانتفاخ البطني والتعب العام. إلا أنه وفي سنة 2013، قام هؤلاء الباحثون أنفسهم بنقض النظرية السابقة حيث وجدوا أنه لا علاقة واضحة بين نوعية أو كمية الغلوتين المستهلكة وظهور الأعراض السابقة عند الأشخاص الذين يعانون من عدم تحمل الغلوتين غير المرتبط بالداء الزلاقي. واستنتجوا أن أعراض الانتفاخ البطني السابقة قد تكون ناتجة عن استهلاك المواد السكرية.
كما نشرت مجلة Journal of Proteome Research سنة 2014 دراسة بينت أن استهلاك القمح الخالي من الغلوتين قد يحرض ظهور أعراض الداء الزلاقي ويمكن تفسير ذلك من خلال تأثير البروتينات الأخرى الموجودة في القمح مثل serpins، purinins، globulins، farnins، مثبطات الأميلاز والبروتياز.
ويؤكد خبير التغذية Gaynor Bussell والناطق الرسمي للمنظمة البريطانية للتغذية أن الغلوتين ضار بالصحة فقط عند الأشخاص الذين يعانون من الداء الزلاقي.
كما أن Lisa Cimperman خبيرة التغذية السريرية في Case Medical Center in Cleveland والناطق الرسمي لأكاديمية الحمية والتغذية، تؤكد على أن الغلوتين ليس ضرورياً ولكنه لا يؤثر على صحة الإنسان الطبيعي أو نوعية الطعام.
إذا ما حقيقة الترويج للغلوتين على أنه أحد المواد الغذائية الضارة؟
تقول Cimperman "انتشر في العديد من الكتب وفي وسائل الإعلام تصريحات تعتبر القمح والغلوتين من المواد الغذائية الضارة، إلا أنه لا يوجد دلائل علمية على أن اتباع حمية غذائية خالية من الغلوتين مفيد صحياً "وتتابع قولها "للأسف فإن البرامج الحوارية التي تستضيف المشاهير تستطيع نشر هكذا معلومات دون الاستناد إلى خبراء صحة أو خبراء تغذية." كما يؤكد الباحثون على أن اتباع حمية خالية من الغلوتين في حال عدم تشخيص الداء الزلاقي قد يؤثر على الصحة ولكن بشكل عكسي، إذ قد يسبب اتباع هذه الحمية نقصاً في العديد من المواد المغذية للجسم. إذ تؤكد الدراسات على أن اتباع حمية خالية من الغلوتين يترافق مع انخفاض في مستوى الحديد والكالسيوم والألياف والفولات والفيتامين B1 والفيتامين B2 والفيتامين B3.
بالمقابل تؤكد الباحثة Rafe Bundy وهي خبيرة تغذية والناطق الرسمي لجمعية التغذية على أن اتباع حمية غذائية خالية من الغلوتين لا يتعارض مع توفير كافة المواد الغذائية الضرورية للجسم. وتستند الباحثة في نظريتها هذه إلى أن العديد من الأشخاص حول العالم يستهلكون حمية غذائية خالية أو منخفضة المحتوى من الغلوتين، فمثلاً يعتمد أغلب شعوب الدول الآسيوية في غذائهم على الأرز وليس على القمح. وتقول الباحثة "من الممكن الحصول على حمية غذائية صحية وخالية من الغلوتين في نفس الوقت من خلال اتباع نصائح التغذية الرئيسية."
ومن وجهة نظر أخرى، فإن بعض خبراء التغذية الذين يعارضون الحمية الخالية من الغلوتين يعتمدون على أن الأغذية المعالجة للتخلص من الغلوتين تحوي على كميات مرتفعة من المواد الدسمة والمواد السكرية والحريرات أكثر من تلك الموجودة في نفس المواد الغذائية الحاوية على الغلوتين، وبالتالي فإن استهلاك هذه الأغذية يترافق مع زيادة في الوزن.
تؤكدCimperman على أن مفهوم الحمية الخالية من الغلوتين أصبح يرتبط بالعديد من الأفكار الخاطئة، إذ يعتقد متبعي هذه الحمية أن الأغذية الخالية من الغلوتين هي أغذية خالية من أي تأثير سلبي على صحة الإنسان. وفي الواقع فإن المأكولات السريعة أو الحلويات الخالية من الغلوتين هي في الواقع ليست أفضل من الناحية الصحية بالمقارنة مع تلك الحاوية على الغلوتين.
- "استشر الطبيب أو أخصائي التغذية قبل اتباع الحمية الخالية من الغلوتين"
تنصح الباحثة Cimperman كافة الشخاص قبل البدء باتباع حمية خالية من الغلوتين وتقول: "يجب مراجعة الطبيب عند ظهور أحد الأعراض الهضمية مثل تطبل البطن أو الآلام البطنية أو الإسهال المتكرر. إذ يقوم الطبيب بإجراء الفحوصات اللازمة من أجل تحديد التشخيص الدقيق للحالة المرضية، وبالتالي فإن العلاج الشخصي دون استشارة الطبيب قد يفاقم الحالة المرضية. كما يجب الاستمرار بتناول الغلوتين قبل إجراء الفحوصات الخاصة بالداء الزلاقي لأن اتباع الحمية الخالية من الغلوتين قبل ذلك قد يؤدي إلى الحصول على نتائج سلبية خاطئة"، وتتابع قولها "إذا أردت اتباع حمية غذائية خالية من الغلوتين نتيجة إصابتك بالداء الزلاقي أو لأي سبب صحي آخر، لابد من استشارة أخصائي التغذية للتأكد من أن الحمية المتبعة تحوي كافة المواد الغذائية الضرورية للجسم".
المصدر: هنا