التحكّم بعقل الصراصير: مصدر الخوف الأبديّ للفتيات يتحوّل إلى بطل
الهندسة والآليات >>>> التكنولوجيا
.يقول ألبرت بوزكرت –أحد الباحثين والكاتب الرئيسي للورقتين البحثيّتين- أنّ أفضل طريقةٍ لإيجاد الناجين في الأبنية المنهارة هي الصوت ،ولكن أُذُنُ الإنسان لن تكونَ دقيقةً جدّاً في هذه الحالة وحتى كلاب الإنقاذ يصعب عليها إيجادُ أشخاصٍ مدفونين تحت طبقات عديدة من الأنقاض.
لذلك استخدم هؤلاء الباحثون صراصير مزودة بميكروفونات لاستكشاف الأبنية المنهارة وتعقّب صراخ الناجين ،حيث أنّ صغر حجم الصرصور وتأقلمه مع الظروف البيئية المختلفة يمكّنه من البحث بدقة والسير خلال الثقوب الصغيرة لاستكشاف طبقات عديدة تحت الأنقاض.
كيف يتمّ تجهيز الصراصير لعمليّة البحث؟!...
يزوّد الصرصور بحقيبة تُلصق على ظهره تحوي معالجاً صغرياً موصولاً بجهازه العصبيّ ،وترسل هذه الحقيبة نبضات كهربائية تتحكم باتجاه حركته وسيره. كما تحتوي هذه الحقيبة على مصفوفة من الميكروفونات التي تلتقط الأصوات المحيطة بالصرصور ، وبالطبع لن يصبح هذا "العميل" جاهزاً قبل تزويده بجهاز استقبال لاسلكي لإرسال الأصوات إلى قاعدة التحكم واستقبال الأوامر منها.
صورة توضح عميل مستعد للقيام بمهمته
Image: www.puls24.mk
لماذا نستخدم الصراصير (كائنات حيّة) للقيام بهذه المهمة بدلاً من بناء روبوتات صغيرة؟!...
أحد أهمّ الأسباب هو أنّه للصراصير مصدرهم الخاصّ للطاقة فيمكنهم القيام بحركاتهم الخاصّة دون الحاجة للتحكّم بحركتهم بشكل كامل حيث يقوم الأشخاص الذين يتحكّمون بهم بتغيير جهة حركتهم فقط لتتّجه نحو مصدر الصوت ولا يقومون بتسييرها بشكل كامل ، أمّا في حال الروبوتات فعليك التحكّم بحركتها بشكل كامل ولا يمكنها التحرّك بنفسها كما في حالة الصراصير
السبب الثاني هو سهولة دمج عناصر الكترونية مع الجهاز العصبي للصرصور لأن سلوكهم وردود افعالهم هي أفعال ارتكاسيه (استجابة لا إرادية).
والسبب الثالث هو بساطة نظامهم العصبي، وتشير معظم الدلائل البيولوجية أن الصراصير لا تختبر ألماً أثناء العملية؛ حيث يجنب العلماء المعضلة الأخلاقية من الابتكار.
بهدف تحديد مصدر الصوت بدقة متناهية قام الفريق بتصميم نوعين مختلفين من العملاء. النوع الأول يملك ميكروفونات تستطيع رصد الأصوات من جميع الاتجاهات ومن ثمّ نقلها إلى قاعدة التحكّم.
النوع الثاني يملك ميكروفونات يمكنها رصد الأصوات من ثلاثة اتجاهات؛ يقوم المعالج الصغري الموجود في الحقيبة بتحليل الأصوات الّتي ترصدها مصفوفة الميكروفونات وتوجّه العميل باتّجاه مصدر الصّوت.
كيف يستطيع هذا العميل التّعرف على أصوات الناجين وتمييزها عن الأصوات الأخرى ؟!...
بكاء الناجين المذعورين ،قطرات المياه و آلات الحفر كلّها أصواتٌ متداخلة تنتشر في أنقاض الأبنية المهدّمة. لذلك لجأ الباحثون إلى استخدام عملاء مزودين بميكروفونات عالية الدقة تستطيع تمييز الأصوات الّتي تهمّ كأصوات الأشخاص الذين يصرخون طلباً للمساعدة عن أخرى غير مهمة كقطرات المياه. عندها يقوم العملاء المزودون بمصفوفات من الميكروفونات بتحديد الاتّجاه الّذي يأتي منه الصوت.
وهكذا يكون هؤلاء العملاء قد أدّوا عملهم بإيجاد الناجين ويبقى على عمّال الإنقاذ إخراجهم من تحت الأنقاض.
فيديو يَظهر فيه أحد العملاء وهو يتعقّب مصدر الصوت
عند انتهاء مهمّة هذه الصراصير ،بالطّبع فإنّ لا أحد يريد لهم أن يكملوا طريقهم بحريّة باحثين عن مصدر آخر للصوت كأصوات الحشود المتجمّعة في مواقع الكوارث مثلاً. لذلك قام الباحثون بتصميم نظام حجز غير مرئي يُبقي على الصراصير في منطقة محدودة.
بالإضافة إلى تجنّب الذعر العام الناتج عن سرب من الصّراصير تتحرك بحريّة في المكان فإنّ إبقائهم في منطقة محصورة وقربهم من بعضهم يمكّن أجهزتهم من الاتّصال مع بعضها وتشكيل شبكة لاسلكية متنقلة.
فيديو يوضّح نظام الحجز وحركة أحد الصراصير بداخله
وفي سياقٍ متصل يعمل الباحثون الآن على تصميم ميكروفونات صغيرة جداً وقادرة على رصد الأصوات الضعيفة بدقة بحيث تستطيع الصراصير التّعرف على الأصوات البعيدة.
تمّ تجربة هؤلاء العملاء في بعض المناطق المصمّمة خصيصاً لتحاكي مواقع الكوارث ،وينوي الباحثون تجربتهم على أرض الواقع قريباً بعد أن يصبحوا جاهزين للقيام بمهمتهم على أكمل وجه. يبقى الباحثون في انتظار ردّة فعل الناجين من منظر الصراصير المحمّلة بحقيبة الكترونية الموصولة بجسمهم والمتّجهين نحوهم.
ويعدّ نجاح هذه التجربة إنجازاً رائعاّ يترك الباب مفتوحاً أمام الباحثين لاستخدام الحشرات وغيرها من الكائنات الحيّة لخدمة الإنسان والقيام بالعديد من المهمات الّتي يصعب علينا القيام بها.
ملاحظة للمدافعين عن حقوق الحيوانات :أثبتت الدراسات أنّ الصراصير لا تشعر بأي ألم في حال موتها ،لذلك فإنّ إدخالها إلى مواقع الأنقاض الّتي يمكن أن تتعرض لانهيارات في أي وقت لا يعدّ خرقاً لحقوق الحيوان ...
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا