الأعشاب والطحالب البحرية قد تحلّ محلَ الملح في طعامنا!
الغذاء والتغذية >>>> عادات وممارسات غذائية
لا بدّ وأنكم توافقوننا الرأي عندما نقول أنّ الطعامَ بدونِ ملح يبدو باهتاً عديمَ النكهة، وهو أمرٌ طبيعيّ، فقد استُخدِم الملحُ خلال فتراتٍ طويلةٍ كمُحَسِّنٍ طبيعيّ للنكهة بفضلِ خصائصه التي تُظهر النكهة الطبيعية للغذاء وتقوّيها دون استخدامِ أي إضافاتٍ صنعية، فضلاً عن تأثيرِه الحافظِ للغذاءِ والذي نُشاهدُه واضحاً في صناعةِ المُخلّلات. ولكن، وكما هو الحال دائماً، فإنّ الاستهلاكَ الدائمَ وغيرَ المنضبطِ لأيّ مادةٍ غذائية مهما كانت مفيدةً أو لذيذة قد يعود علينا بآثارٍ ضارّة. وقد صرّحت منظمة الصحة العالمية WHO بأن الاستهلاكَ اليوميّ من الملح يتجاوز الحدّ المسموحَ بمرّةٍ ونصف أحياناً، وطبعاً تُشكل الأطعمة المُصنّعة كالخبزِ والجبنِ والوجباتِ الخفيفةِ والجاهزة واللحوم الباردة المملحة والنقانق حوالي 77% من مجملِ مصادرِ الملح، والذي تعودُ مشكلتُه الأساسية إلى وجود عنصر الصوديوم في تكوينِهِ، ليساهمَ في ارتفاعِ الضغط، وأمراضِ القلب والكلى وهشاشةِ العظام وحتى سرطان المعدة.
عملت مجموعةٌ من الباحثين في كافةِ أنحاء أوروبا في مشروعٍ مموّلٍ من قِبل الاتحاد الأوروبي للتحقّق من إمكانيةِ استخدامِ الأعشابِ والطحالبِ البحرية كبديلٍ للملح، فالمياهُ المالحةُ تذخرُ بالطحالبِ التي تمتلكُ طعماً مالحاً طبيعياً، فضلاً عن احتوائِها على كمياتٍ جيدةٍ من البوتاسيوم والمغنيزيوم.
وقد وجدَ الباحثون أن الطحالبَ البنية هي الأكثرُ قرباً للطعمِ المالح، وهذا يعني أنها تصلحُ لتُستخدمَ كبديلٍ عنه في الأغذيةِ المصنّعة وتقلّلَ كميةَ الصوديوم فيها. وقد فحصَ الباحثون بعضاً من بدائلِ الملح المتاحةِ في الأسواق، لأخذ فكرةٍ عن كيفية معاملةِ الأعشاب والطحالب البحرية بالطريقة المثلى دون خسارةِ أيّ من مكوناتِها المفيدة، شريطة التخلص من الموادِ المنتجةِ للروائح غير المرغوبة. وأخيراً تم الاتفاق على العمل في خطّين متوازيين بنفس الوقت، الأول تمت فيه معاملةُ الطحالبِ والأعشابِ البحرية بالتجفيف والطحن، وفي الثاني تمت معاملتُها إنزيمياً حتى تمّ الحصولُ على مسحوقٍ ذي لونٍ أخضرَ مائلٍ للبنيّ يصلحُ للاستخدامِ كبديلٍ صناعيّ للملح.
يبقى السؤال هو كيف ستكون النتيجة عند استخدامِ هذا المسحوق في صناعة الخبز والنقانق واللحوم الباردة والوجبات الخفيفة، وهو ما يعمل الباحثون على تحرّيه في الوقت الحاليّ. وقد قاموا بالفعلِ باختبارِه في صناعةِ الخبز، وقد لاحظوا مبدئياً أنّ لونَ الخبزِ الناتجِ قد تأثّرَ بلونِ الطحالب، كما لم يبدي المنتَجُ طعماً مالحاً بدرجةٍ تماثلُ ملوحةَ كلوريد الصوديوم (ملحِ الطعام)، إلّا أنهم أكدّوا عدم تعرّضهِم لأية مشاكلَ تصنيعية خلالَ تطبيقِه عمليّاً، الأمرُ الذي يعدّ خطوةً كبيرةً تجاهَ تطبيقاتِ الطحالبِ في مجال الصناعات الغذائية. النتيجةُ أن التطبيقَ الممكنَ حالياً يكمنُ في مجالِ تقليلِ كميةِ الملحِ الإجمالية نظراً لأن استبدالَه بشكلٍ كاملٍ غيرُ ممكن بعد بسبب دورِه الرئيسيّ في عملياتِ الخَبْزِ.
المصدر: هنا