بدايةً لفهم سبب اعتقاد أن الماء يعيق الهضم، لابد أولًا من فهم عملية الهضم الطبيعية، إذ يبدأ الهضم بالمضغ في الفم لطحن الطعام، على الرغم من أنها خطوة سريعة إلا أنها هامة جدًا، ثم يُفرز اللعاب الذي يحتوي على المخاط وإنزيم الأميليز Amylase، الذي يعمل على تفكيك الكربوهيدرات على نحو أولي، يُنقل بعدها الطعام المهضوم إلى المعدة عبر المريء، وعند دخوله إلى المعدة يُخلط مع العصارة المعدية -التي تتكون من حمض المعدة، والأملاح الصفراوية والإنزيمات الهاضمة-، مما يؤدي لهضم الكربوهيدرات والبروتينات على نحو أكبر وينتج عن ذلك سائل سميك يعرف باسم «الكيموس-Chyme» وهو مزيج من مراحل منفصلة من المحاليل المائية والدهون والمواد الصلبة. تنتقل محتويات المعدة بعد ذلك إلى الاثنى عشر عبر فتحة البوّاب ويكون حجمها أقل من 1mm إلى 2mm. تحدث مراحل الهضم النهائية في الأمعاء الدقيقة، إذ يذوب الكيموس في عصارة البنكرياس والكبد والأمعاء والتي تعمل على تكسير الكيموس وتحضير كل مادة مغذية للامتصاص في مجرى الدم. تُمتص جميع العناصر الغذائية الناتجة عن عملية الهضم من خلال جدران الأمعاء، وتُدفع الفضلات -العناصر الغذائية غير المهضومة- إلى القولون للإخراج (1).
هناك ادّعاءات تطال شرب الماء مع الوجبات، تُرى ما حكمها؟ وما العادة الصحيّة التي تحكم هذا التصرف؟ تابعوا قراءة المقال لنعرف معًا..
يدعيّ الكثيرون أن شرب الماء مع الوجبات يخفف من حموضة المعدة وإنزيمات الجهاز الهضمي، مما يجعل هضم الطعام أكثر صعوبة على الجسم. على الرغم من ذلك يشير هذا الادعاء إلى أن الجهاز الهضمي غير قادر على تكييف إفرازاته مع تناسق الوجبة، وهذا خطأ (2).
يدعيّ آخرون أيضًا أن شرب السوائل مع الوجبات تزيد من سرعة خروج الأطعمة الصلبة من المعدة. ويُعتقد أن هذا يقلل من وقت ملامسة الوجبة لحمض المعدة والأنزيمات الهاضمة مما يؤدي إلى ضعف الهضم. مع ذلك، لا يوجد بحث علمي يدعم هذا الادعاء. لكن هناك دراسة وجدت أنه على الرغم من أن السوائل تمر عبر الجهاز الهضمي بسرعة أكبر من المواد الصلبة إلا أنها لا تؤثر على سرعة هضم الطعام الصلب (3).
إذًا لا داعي للقلق من أن يخفف الماء من عصارة الجهاز الهضمي أو أن يتداخل مع عملية الهضم. ففي الواقع، إن شرب الماء أثناء الوجبة أو بعدها يساعد في عملية الهضم، إذ يُعدّ الماء ضروري للصحة الجيدة (4).
إليكم بعضًا من فوائد الماء:
يساعد مع السوائل الأخرى في تكسير الطعام حتى يتمكن الجسم من امتصاص العناصر الغذائية (4).
يعمل على تليين البراز مما يساعد على منع الإمساك (4).
بيّنت إحدى الدراسات والتي استمرت فترة مؤقتة حوالي 12 أسبوعًا، أن شرب كمية معينة من الماء حوالي 1.5 لتر في اليوم؛ تؤدي إلى فقدان حوالي 2kg خلال هذه المدة (5).
إن شرب الماء قد يؤدي إلى تسريع عملية التمثيل الغذائي/ الأيض بحوالي 30% لكل 500 مل ماء (6).
الخلاصة إذًا: لا مانع من إضافة كوب ماء تتناوله خلال وجبتك، وركز على أسلوب حياة صحي، كتناول الكثير من الفاكهة والخضروات والحبوب الكاملة، وحافظ على وزن صحي، وضمنّ النشاط البدني في روتينك اليومي.
تدقيق لغوي: آية ياسر تصميم الصورة: Mirella Chalhoub
المصادر:
1- Kong F, Singh R. Disintegration of Solid Foods in Human Stomach. Journal of Food Science [Internet]. 2008 [cited 28 January 2022];73(5):R67-R80. Available from: هنا
2- Malagelada J, Go V, Summerskill W. Different gastric, pancreatic, and biliary responses to solid-liquid or homogenized meals. Digestive Diseases and Sciences [Internet]. 1979 [cited 28 January 2022];24(2):101-110. Available from: هنا
3- FISHER R, MALMUD L, BANDINI P, ROCK E. Gastric Emptying of a Physiologic Mixed Solid-Liquid Meal. Clinical Nuclear Medicine [Internet]. 1982 [cited 28 January 2022];7(5):215-221. Available from: هنا
4- Picco MF. Water after meals: Does it disturb digestion? [Internet]. Mayo Clinic. 2020 [cited 21 February 2022]. Available from: هنا
5- Dennis EA, Dengo AL, Comber DL, Flack KD, Savla J, Davy KB et al. Water Consumption Increases Weight Loss During a Hypocaloric Diet Intervention in Middle-aged and Older Adults. Obesity [Internet]. 2010 [cited 21 February 2022];18(2):300-307. Available from: هنا
6- Boschmann M, Steiniger J, Hille U, Tank J, Adams F, Sharma A et al. Water-Induced Thermogenesis. The Journal of Clinical Endocrinology & Metabolism [Internet]. 2003 [cited 29 January 2022];88(12):6015-6019. Available from: هنا