التغذية ومتلازمة داون
الغذاء والتغذية >>>> التغذية والأمراض
من العيوب الجسدية التي تؤثر في التغذية وخصوصًا التغذية الأولية: التشوهات الخلقية في الجهاز الهضمي كتجويف الفم الصغير واللسان المتضخم وانعكاسات المصّ الضعيفة، وطبعًا كما يلاحظ، فإن السمنة شائعة لدى المصابين بالمتلازمة، ويعانون أيضًا اضطرابات أيضية كقصور الغدة الدرقية وزيادة خطر الإصابة بمرض السكري (النوع الأول والثاني)، الأمر الذي يتطلب اهتمامًا منهجيًا وتدخلات سريرية لتحسين الحالة التغذوية لدى المصابين بها، وتوعية المحيطين بهم لاحتياجاتهم الغذائية والمشكلات التي قد يعانونها (1,2).
الاحتياجات الغذائية:
يحتاج المصابون بمتلازمة داون المعدل نفسه من المغذيات التي يحتاجها باقي الأشخاص عمومًا، إلا أن معايير استهلاك الطاقة القائمة على المجموعات العمرية لا تعد ملائمة للأطفال المصابين، إذ يجب تعديل مدخول الطاقة بما يتلاءم مع الطول والوزن والنشاط البدني لدى كل من البالغين والأطفال. والجرعات العالية من الفيتامينات والمعادن لا تؤدي إلى صحة أفضل أو ذكاء أكثر، إضافة إلى أنها قد تسبب آثارًا جانبية، خاصة الفيتامينات المنحلة بالدسم أو الدهن حتى استخدام المكملات الغذائية التي تحتوي على المغذيات الأخرى ليس أمرًا محسومًا، وذلك لوجود اختلافات في النمو والصحة والوظائف الإدراكية والكلام لدى الأطفال الذين عولجوا بها، ولا تزال الدراسات التي قُدمت في هذا الصدد غير كافية (1).
قد تؤدي اضطرابات الجهاز الهضمي والمشكلات اللثوية التي يعانيها المصابون بمتلازمة داون كتأخر ظهور الأسنان اللبنية والدائمة الذي يسبب تأخر تناول المغذيات الصلبة عن أقرانهم نقص امتصاص العناصر الغذائية، إذ أظهرت بعض الدراسات أنهم يميلون لتناول الأطعمة الحاوية على الكربوهيدرات البسيطة التي تسهل ابتلاعها، ونادرًا ما تظهر الفواكه والخضروات في وجباتهم، تبعًا لرفضهم لها والصعوبات التي يعانونها في أثناء ابتلاع الطعام، لذلك يوصى بتعليمهم عادات الأكل الصحية، جنبًا إلى جنب مع اتباع نظام غذائي متوازن (2).
إدارة النظام الغذائي:
تعد التوصيات الغذائية للمصابين بمتلازمة داون مماثلة لعامة الناس حتى تثبت الأبحاث ما يخالف ذلك، ولا يوجد حتى الآن أي توجيهات غذائية خاصة للنساء الحوامل، إلا أنه يمكن تناول ما يعادل 400mg من مكملات (حمض الفوليك - Folic acid) في أثناء الحمل إضافة إلى الأطعمة الغنية به، فقد يكون ذلك مفيدًا في تقليل خطر إصابة الجنين بمتلازمة داون أو تشوهات الأنبوب العصبي (1).
والأمر مشابه فيما يخص تغذية الرضيع فمن المعروف أنه تتغير دهون الدماغ بتغير مدخول الحموض الدسمة، إلا أنه لم يحدد حتى الآن احتياجات المولود الجديد المصاب بمتلازمة داون من حمضي (الأراكيدونك - Arachidonic acid) و(الدوكوساهيكسانوئيك - Docosahexaenoic acid)، وهما من الحموض الدسمة طويلة السلسلة متعددة عدم الإشباع، ونظرًا إلى أن حليب الأم يحتوي على الحموض الدسمة طويلة السلسلة الضرورية لنمو الدماغ وشبكية العين، فمن الضروري التشجيع على الرضاعة الطبيعية (1).
وإليكم بعض التوصيات للنمط الغذائي الذي يجب اتباعه:
- تمثل (مضادات الأكسدة - Antioxidants) جزءًا مهمًّا من الآليات الدفاعية لدى المصابين بمتلازمة داون، لذلك ينصح الوالدان بتأمين نظام غذائي غني بها.
- يجب مراقبة المدخول الغذائي (للحموض الأمينية الكبريتية - Sulfur amino acids) الضرورية لاصطناع (الجلوتاثيون - Glutathione).
- مدخول الفيتامينات الذوابة في الدسم A و C و E الفيتامينات الذوابة في الماء B6 و B12 وحمض الفوليك ومعدني (السيلينيوم - Selenium) و(الزنك - Zinc).
- من المهم التعرض لأشعة الشمس خلال أشهر الصيف لتأمين مخزون كافٍ من فيتامين D لباقي شهور السنة، إذ تشير الدراسات الحديثة إلى زيادة في حالات الإصابة بهشاشة العظام لدى المصابين بمتلازمة داون، ويمكن لأولئك الذين يلازمون المنزل ويعانون ضعفًا في الحركة أن يستفيدوا من تناول مكملات الفيتامين (1).
مشكلات التغذية:
يمكن لعديد من الاضطرابات أن تؤثر في التغذية لدى المصابين بمتلازمة داون، منها ما يتعلق بالفم كضعف التنسيق الحركي للفم، وبين عمليات الرضاعة والبلع والتنفس، ونقص طول الحنك، والميل لإخراج اللسان والتنفس من الفم، وسوء إطباق الشفتين مما يؤدي إلى تشقق اللسان والشفاه (3-5). ومنها ما يتعلق بالأسنان كصريرها وصغرها أو نقصها أو عدم تكونها بالكامل أو تأخر ظهور الأسنان اللبنية أو الدائمة (5).
تواجه عملية الرضاعة لدى الأطفال المصابين صعوبات عديدة كالإجهاد السريع خلالها ومشكلات التقاط حلمة الثدي وضعف عملية الامتصاص، وقد تكون مرحلة الانتقال من التغذية من حليب الأم أو الحليب الصناعي إلى الأطعمة الأخرى أبطأ أو أصعب تبعًا لضعف التنسيق الحركي لفم الطفل. وتتعدد مشكلات التغذية عند بدء المشاركة في الوجبات العائلية كانتقاء الطعام، إذ يتجاوز الطفل المجموعات الغذائية المخصصة لوجبته، وتتغير خياراته بتغير البيئة المحيطة به، ويسعى للفت الانتباه في أثناء تناول الوجبات، أو على العكس، إذ يستمر بطلب الطعام نفسه وتناوله فترة زمنية أطول في حال أتيح له ذلك (6).
إن هذه المشكلات تسبب عديدًَا من المشكلات الصحية الأخرى مثل:
- الإصابة بالإمساك.
- استنشاق الأطعمة ودخولها في المجرى التنفسي، نتيجة سوء المضغ وابتلاع الأطعمة كاملة أو مضغها جزئيًّا.
- قد يؤدي ضعف مهارات الأكل إلى تقليل كمية الطعام المستهلكة والإصابة بسوء التغذية (7).
من المهم تدخل استشاريي التغذية للمساعدة على تجاوز هذه الأمور أو تخفيفها، إذ يوصى بتناول المكملات متعددة الفيتامينات في حال كان الطفل صعب الإرضاء بما يتعلق بتناول الطعام، أو يعاني مشكلات مع قوام بعض الأطعمة، أو يتبع نظامًا غذائيًّا محدود السعرات للوقاية من السمنة، أو يشتكي الإجهاد السريع أكثر من المعتاد (7).
(إدارة الوزن - Weight management):
تعد الوقاية من السمنة وزيادة الوزن من الأمور المهمة نظرًا إلى زيادة انتشارها بين المصابين بمتلازمة داون بدءًا من مرحلة الطفولة، وتسهم عديد من العوامل في ذلك مثل:
- الإصابة بقصور الغدة الدرقية.
- الارتجاع المعدي المريئي.
- الأدوية التي تتسبب زيادة الوزن بصفتها عرضًَا جانبيًَا.
- قلة النشاط البدني وما يعود عليه من انخفاض إنفاق الطاقة في أثناء الراحة (8).
وقد أشارت دراسات لأطفال مصابين بداون وأقرانهم من الأصحاء إلى زيادة في مستويات (اللبتين - Leptin) - وهو هرمون تفرزه الخلايا الدهنية والمسؤول عن قمع الشهية والتحكم بوزن الجسم- إلى نسبة الدهون، إذ يفترض أن الأفراد الذين يعانون السمنة، يملكون درجة معينة من مقاومة اللبتين، في حين أنه لا يوجد أي فروقات في مستويات (الغريلين - Ghrelinis) - وهو هرمون يعزز الشهية - أو (الأنسولين - Insulin) و (الغلوكوز - Glucose) اللذان يعدان مقياسًا لمقاومة الأنسولين (8).
أما عن (الداء الزلاقي - Celiac disease) فهو:
مرض مناعي ذاتي شائع لدى المصابين بمتلازمة داون عن غيرهم، وتشتمل الأعراض على اضطراب في القناة الهضمية - إسهال وإمساك - وانتفاخ البطن وعسر الهضم وتقرحات الفم وتغير المزاج والتهاب المفاصل وتعب عام وفقر دم، وقد تخفف الأعراض أو الإصابة عن طريق اتباع نظام غذائي خالٍ من (الغلوتين - Gluten-free diet) (1).
المصادر:
2. Mazurek D, Wyka J. Down syndrome--genetic and nutritional aspects of accompanying disorders. Rocz Panstw Zakl Hig. 2015;66(3):189-94. PMID: 26400113. Available from: هنا
3. Al-Maweri SA, Tarakji B, Al-Sufyani GA, Al-Shamiri HM, Gazal G. Lip and oral lesions in children with Down syndrome. A controlled study. Journal of Clinical and Experimental Dentistry. 2015 ;7(2):e284-288. doi: هنا. PMID: 26155347. PMCID: PMC4483338. Available from: هنا
4. Klingel D, Hohoff A, Kwiecien R, Wiechmann D, Stamm T. Growth of the hard palate in infants with Down syndrome compared with healthy infants—A retrospective case control study. PLOS ONE [Internet]. 2017 [cited 20 April 2022];12(8):e0182728. Available from: هنا
5. FAULKS D, COLLADO V, MAZILLE M, VEYRUNE J, HENNEQUIN M. Masticatory dysfunction in persons with Down’s syndrome. Part 1: aetiology and incidence. Journal of Oral Rehabilitation [Internet]. 2008 [cited 20 April 2022];35(11):854-862. Available from: هنا
6. Magenis M, de Faveri W, Castro K, Forte G, Grande A, Perry I. Down syndrome and breastfeeding: A systematic review. Journal of Intellectual Disabilities [Internet]. 2020 [cited 20 April 2022];26(1):244-263. Available from: هنا
7. Holmes G. Gastrointestinal disorders in Down syndrome. Gastroenterol Hepatol Bed Bench [Internet]. 2014 [cited 20 April 2022];7(1):6-8. PMCID: PMC4017552. PMID: 25436092. Available from: هنا
8. Bertapelli F, Pitetti K, Agiovlasitis S, Guerra-Junior G. Overweight and obesity in children and adolescents with Down syndrome—prevalence, determinants, consequences, and interventions: A literature review. Research in Developmental Disabilities [Internet]. 2016 [cited 20 April 2022];57:181-192. Available from: هنا