مكملاتُ الزنك ورفعُ مستوى التستوستيرون لدى الرياضيين.. عضلاتٌ أكثر أم مجرّد تعويضٍ للنقص؟!
الغذاء والتغذية >>>> الرياضة وتغذية الرياضيين
الزنك واحدٌ من المغذيات الدقيقة micronutrients الأربعة والعشرين اللازمة للبقاء على قيد الحياة. يتواجد بشكلٍ أساسي في اللحوم الحمراء والدواجن والمأكولات البحرية كسرطان البحر والمحار، والحبوب الكاملة والبقول والمكسرات ومنتجات الألبان ،وكذلك في حبوب الإفطار المدعمة بالزنك. هذا وكنا قد تناولنا هذا العنصر سابقاً وبالتفصيل ضمن سلسلة مقالاتنا حول العناصر المعدنية، فتحدثنا عن وظائفه ومصادره والجرعات اليومية المنصوح بها وأعراض نقصِه وفرطه، ويمكنكم إيجاد جميع هذه المعلومات في مقالنا "سلسلة العناصر المعدنية – الزنك Zinc". أما مقالنا اليوم فهو مخصصٌ للحديث عن دور مكملات الزنك في الرياضة وتحديداً في رفع مستويات هرمون التستوستيرون؛ وهو هرمونٌ ابتنائيٌ يساهم في نمو العضلات واكتساب كتلةٍ عضليةٍ كبيرةٍ، والذي يعتبر هدفاً رئيسياً للاعبي كمال الأجسام. وهنا يكمن السؤال، فهل يصحّ إدراج مكملات الزنك ضمن قائمة معززات التستوستيرون testosterone booster؟ وفي أي الحالات يكون هذا الطرح صحيحاً؟ كي نجيب عن هذه التساؤلات، علينا أولاً التعرّفُ على رأي العلم بمكملات الزنك من ناحية التأثير على الهرمونات والنشاط الرياضي. ولا بدّ في البداية من التأكيد على أن الرأي العلمي قائمٌ على دراساتٍ وأرقام ونتائج، ولا يعطي تصريحاً بفعالية مكملٍ ما ما لم يُظهر هذا المكمل فعاليةً حقيقيةً ونتائج مهمةً إحصائياً وعلى عينةٍ كافية من المتطوعين. من جهةٍ أخرى، نجد أن الوسط الرياضيّ يعتمد على المشاهدة والمراقبة ورأي المستخدمين وتوصيات المدربين واللاعبين المحترفين بالإضافة للتأثير الكبير للشركات المصنعة لهذه المكملات. عملياً يعتبر الزنك نوعاً من المثيرات للشهوة الجنسية، كما أنه من المواد المعززة لهرمون التستوستيرون testosterone booster لكن بشكلٍ شرطي، أي أنه لن يرفع مستويات هرمون التستوستيرون إلا إذا كان المستخدم يعاني من نقصٍ في الزنك. فضلاً عن تأثيره في النظام الإنزيمي والهرموني والمناعي، وفعاليته كمضادّ للأكسدة. وتعمل الجرعات العالية جداً من الزنك بمثابة مثبطٍ لإنزيم الأروماتاز aromatase inhibitor المسؤولِ عن تخليق هرمون الإستروجين estrogen، الأمرُ الذي يحدّ من مستويات الأخير. كما يلعب دوراً مهماً في مشاكل البروستات، وإصلاحِ الغشاء المخاطي للأمعاء عندما يكون بجرعاتٍ عالية. وتأتي أهمية مكملاتِ الزنك للرياضيين نتيجةَ فقده أثناء التعرّق، ويحظى بأهميةٍ أكبر كلما كان النظام الغذائي فقيراً بالزنك، إذ يمكن لنقصه أن يقلل من تخليق مستقبلات الأندروجين androgen receptors وتخليق التستوستيرون في الخلايا، ممّا يقلل بدوره من المستوى الإجمالي لهرمون التستوستيرون في الجسم. وقد بيّنت الدراسات أن جرعاتٍ تكميليةً متواضعةً نسبياً كانت كفيلةً بزيادةِ تركيز التستوستيرون لدى البشر، في حين أشارت الأبحاث المجراة على الحيوانات إلى وجوب استخدام جرعاتٍ عاليةٍ إلى معتدلةٍ للحصول على هذا التأثير. كما وُجد ألّا تأثيرَ للمكملات لدى الرجال الذين لا يعانون من نقصٍ في الزنك، إلا إن اقترَن تناول المكملات بتمارينَ شاقة، عندها يمكن للجرعات المعتدلة أن تحفّز هرمون التستوستيرون. مكملات الزنك والجرعات المنصوح بها: يأتي الزنك بأشكالٍ عديدةٍ تكون في معظمها على شكل أملاح، كما يترافق مع المغنزيوم وفيتامين B6 في العديد من المكملات والتي من أشهرها المكمل الغذائي ZMA (Zinc Magnesium Aspartate) المحمي ببراءةِ اختراع، وهو واحدٌ من مكملات الزنك والمغنزيوم الرياضية التجارية. ويَنصح العديد من الرياضيين المحترفين بهذا المكمل إما لأهدافٍ ترويجيةٍ أو لما لمسوه من فوائد عبر تجاربِهم الشخصية، ولكن ذلك لا يغيّر من حقيقة ما ذكرناه سابقا، إذ لا وجود لأي تأثيرٍ على الرجال الأصحاء الذين لا يعانون من نقص الزنك. كما أن هنالك ادعاءاتٍ حول دور الأسبارتات aspartate في زيادة التستوستيرون، ولكن كميتَه في مكمل ZMA منخفضةٌ جداً، مما يمنع أي تأثير ملموسٍ على التستوستيرون. تبلغ الجرعة اليومية المنصوح بها من الزنك حوالي 11 ملغ للرجال و8 ملغ للنساء، ولكن المكملات الرياضية تقدم حوالي 30 ملغ يومياً أي حوالي 300%، آخذين بالحسبان تأثيرَه المحتمل وخسارته أثناء التعرق، علماً أن زيادة مدخول الزنك يقلل من تركيز النحاس في الجسم، الأمر الدي يبرر تدعيم بعض مكملات الزنك بالنحاس. هل تسبب ZMA أو مكملات الزنك أحلاماً غريبة؟ وفقاً لما يرويه بعض مستخدمي هذه المكملات، يمكن أن يسبب تناوُلها أحلاماً غريبةً خاصةً أنها تؤخذ قبل النوم بشكلٍ رئيسي، ومع ذلك، لم يُنظر في هذا الموضوع بشكلٍ علميٍّ ومباشر. ولكن بعض التفسيرات أشارت إلى أن ZMA عبارةٌ عن مزيجٍ من الزنك المرتبط بالمونوميثيونين monomethionine، والمغنيزيوم المرتبط بالأسبارتات aspartate، وفيتامين B6 (البيريدوكسين). وأحياناً ما يتم الإبلاغ عن تسببه بأحلامٍ غريبة. لم يتم التحقيق من هذا الادعاء كثيراً، ولكن دراسةً تجريبيةً أشارت إلى أن جرعةً من 250 ملغ من البيريدوكسين يمكن أن تؤثر في أحلام الذكور في عمر الدراسة الجامعية، وذلك يفسَّر من خلال فرضية زيادة تحويل التربتوفان إلى السيروتونين. ومع هذا فإن هذه الجرعة من B6 أعلى بكثيرٍ من تلك التي تتواجد في منتجات ZMA والتي تكون عادة حوالي 10-50 ملغ. كما ذكرت دراسةٌ أخرى أن B6 والمغنيزيوم يمتلكان دوراً داعماً في الحدّ من القلق عند النساء، وهذا يعني - نظرياً - أن تركيب ZMA يمكن أن يعزِز من عمل البيريدوكسين. في الختام: لا بدّ من التأكيد على أهمية الحصول على الحاجة من الزنك، خاصةً عند الأشخاص النشطين والذين يخسرون كمياتٍ كييرةً منه أثناء التعرق. ولكن لا وجود لدليلٍ علميٍّ يشيرُ إلى دعم مكملات الزنك أو رفع مستويات هرمون التستوستيرون إلا في حال اجتماع الشرطين التاليين: نقصٌ في مستوى الزنك في الجسم، والنشاطِ الرياضي العالي. المصادر والدراسات المرجعية: مراجع حول ZMA: