سكر الفركتوز.. حقيقة استبداله للمورّثات الدماغية
الغذاء والتغذية >>>> التغذية والأمراض
وتقولُ Yang - المؤلّفةُ الرئيسيةُ والبروفيسور المُساعِدُ في البَيولوجْيا التَّكامُلِيةِ وعِلمِ وَظائِفِ الأَحياءِ في UCLA - أنَّ DHA لا يُغيّرُ مُورثاً واحِداً أو اثْنَينِ فقط، بل يبدو أنَّهُ يَدفعُ بالنّمطِ الجينيِّ كامِلاً للعَودةِ إلى حالَتهِ الطَّبيعيَّةِ، وهُو ما يُعدُّ نَتيجةً مُهِمَّةً نستطيعُ مِن خِلالِها أن نَرى سبب امتلاكِه لهذا التَّأثيرِ القَوِيّ.
يَتواجدُ DHA بٍشَكلٍ طَبيعِيٍٍ في أَغشِيةِ خلايانا الدِّماغيّةِ، ولكِنْ ليسَ بِكمّيةٍ كبيرةٍ وكافِيةٍ للمُساعدةِ في مُكافحةِ الأمراضِ، حيثُ أَنَّ الدّماغَ وجِسمَ الإِنسانِ لدَيهِما عَجْزٌ في آليَّةِ اصطِناعِ DHA؛ لذا لا بدّ من توفيرِهِ عن طريقِ نِظامِنا الغِذائِيِّ. حيث يعتبرُ DHA ضرورياً لتقويةِ نقاطِ التَّشابكِ العصبيّ في الدِّماغِ ويُعزّزُ مِن مَهاراتِ التَّعلمِ والذّاكِرةِ، وهُو مُتوفرٌ بِكثرةٍ في سَمكِ السّالمونِ البرّيّ والأنواعِ الأُخرى منَ السَّمكِ، وزيْتِ السَّمكِ، والجَوْزِ، وبُذورِ الكِتّانِ، والفاكِهةِ والخُضراواتِ.
وقد صرَّحَت البروفيسور Yang بأنَّ أهمَّ مصادرِ الفركتوز في الحمياتِ الغربيّة هو شرابُ الذّرة عالي الفركتوز الذي يكثُرُ في الأَطعِمةِ والمشروباتِ المُحلّاةِ، والشَّراباتِ، والعَسَلِ، والحَلَوِيّاتِ. كما يتواجَدُ في الفاكهةِ ومُعظَمِ أَطعمةِ الأَطفالِ. علماً أنّ الفاكهةَ تحتوي على الأليافِ التي من شأنِها أن تُبطِئَ من امتصاصِ الجسمِ للفركتوز بصورةٍ ملحوظة، إضافةً إلى احتوائها على مكوّناتٍ صحيّةٍ أُخرى تَحمي الدماغَ والجسم.
ولاختبارِ تأثيرِ كلٍ منَ الفركتوزِ والـ DHA، قامَ الباحثونَ بِتدريبِ الفئرانِ على اجتياز مَتاهةٍ، ثمَّ قاموا عشوائياً بِتقسيمِ الحيَواناتِ إلى ثلاثةِ مَجموعاتٍ، وعلى مَدى ستّةِ أَسابيعَ قامَتْ مَجموعَةٌ واحدةٌ مِنَ الفِئرانِ بِشُربِ الماءِ مع كمّيةٍ منَ الفركتوزِ تُعادِلُ تَقريباً الكمّيةَ التّي يَتناولُها شخصٌ يشرَبُ لِتراً واحِداً مِنَ المِياهِ الغازيَّةِ يَوميّاً، أمّا المجموعةُ الثانيةُ فَقد تمَّ إِعطاؤُها مِياهاً تَحتَوي على الفركتوزِ ونِظاماً غِذائياً غَنيّاً بالـ DHA، بَينَما تَناولَتِ المَجموعَةُ الثّالثةُ ماءً عادِيّاً خالِياً مِنَ الفركتوزِ ولَمْ تُعطى الـ DHA نهائياً.
وُضِعتِ الفئرانُ في المَتاهةِ بعدَ مُضِيِّ الأسابيعِ السِّتّ، فَلُوحِظَ أنّ الفئرانَ التي أُعْطِيتْ الفركتوزَ فقط قَدْ اجْتازَتِ المَتاهةَ بِسرعةٍ مِقدارُها نِصْفُ سُرعةِ الفئرانِ التي تَناولَتِ الماءَ فقط؛ مِمّا يدُلُّ على أنَّ النِّظامَ الغِّذائيَّ المُحتَوي على الفركتوزِ قد أَتلفَ ذاكِرَتَها. أمّا الفئرانُ التي تمّ إِعْطاؤُها الفركتوزَ معَ الـ DHA، فقد أَبدَت نَتائجَ مُشابِهةً جِدّاً لتِلكَ التي تَناولتِ الماءَ فقط؛ مِما يُشيرُ بِقوةٍ إلى أنَّ الـ DHA قَد أَلغَى التّأثيراتِ الضّارةَ للفركتوزِ.
وقد كَشَفَتْ اختِباراتٌ أُخرى على الفئرانِ عن فُروقاتٍ مُهمّةٍ، حيثُ أنَّ الفئرانَ التي تَناوَلتْ نِظاماً غِذائياً عالِي الفركتوزِ تَمتَلِكُ مُستَوياتٍ أَعلى مِنْ كلٍ مِنَ الغلوكوزِ، والدُّهونِ الثُّلاثِيَّةِ، وإِنسولينِ الدَّمِ مقارنةً بالمجموعتين الأُخريَين. وتُعدّ هذهِ النَّتائجُ بالِغَةَ الأَهميّةِ لأَنّ ارتفاعَ هذه المؤشّرات لدى البَشَرِ يَرتبطُ بِالسُّمنة، ومرضِ السُّكرِي وعِدَّةِ أَمراضٍ أُخرى.
وتَقولُ Yang أنَّ فَريقَ البَحثِ قامَ بِترتيبِ أكثرَ من عِشرينَ ألفَ مورّثٍ في أَدمغةِ الفئرانِ، وحدّدوا أكثرَ من سَبْعِمائةِ مورثٍ في منطقةِ تحتِ المِهاد Hypothalamus (وهي المركزُ الأساسيّ للتّحكمِ بالاستِقلابِ في الدِّماغِ)، وأكثرَ من مائَتَي مورثٍ في منطقة الحصين Hippocampus (والتي تُساهِمُ في ضَبطِ التّعلُمِ ووظائِفِ الذاكرةِ) تمّ استِبدالُها بسبب الفركتوز. وتعدّ المورثات التي حدّدها العُلماء، والتي تُماثِلُ في غالبيّتِها العظمى تِلكَ الموجودةِ لَدى الإِنْسانِ، من المورثات التي تَتفاعلُ مُشارِكةً في تَنظيمِ الاسْتِقلابِ، والاتّصالِ بينَ الخلايا، والالتِهابات. ويمكن للاستبدالاتِ التي تحدُثُ في هذه المورّثاتِ أن تُسبِّبَ العديدَ من الأمراض مثل مَرَضِ باركِنسون، والاكتِئابِ، والاضْطِرابِ الوِجْدانِيِّ ثُنائِيِّ القُطْبِ، وأَمراضٍ عَقْلِيَّةٍ أُخرى.
يُذكرُ أنّ بحثاً سابقاً قد أثبتَ تسبُّبَ الفركتوزِ بتدميرِ الاتصالِ بينَ الدّماغِ والخلايا وزيادةِ الجُزيئاتِ السّامةَ في الدّماغ، وأنّ النّظامَ الغذائيّ عالي الفركتوز طويلَ الأمد يُقلل مِن قدرةِ الدِّماغِ على التعلُّم وتذكّرِ المعلومات. وبناءً عليه، يُوصى بتجنُّبِ المشروباتِ الغازيةِ السّكريّةِ والتقليلِ من تناولِ الحلَويات واستهلاكِ كميّاتٍ أقلَّ بشكلٍ عام من السّكرِ والدهونِ المشبعة. إضافةً إلى ذلك، أكّدت البروفيسور Yang أن الـ DHA الذي يبدو مُفيداً للغاية، ليس حبّة سِحريّةً لشفاءِ الأمراض، حيث يحتاجُ الأمرُ مزيداً من الأبحاثِ لتحديدِ مدى قُدرتِهِ على عَكسِ الضّررِ الذي يُمكنُ أن يُصيب المورثات لدى الإنسان.
المصادر:
1. هنا
2. هنا